قال ابن عدي : «له حديث صالح ، وقد روى عنه الثوري الكثير ، مقدار خمسين حديثا ، وشعبة أقل رواية عنه من الثوري ، وقد احتمله الناس ورووا عنه ، وعامة (١) ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة. ولم يختلف أحد في الرواية عنه ، وهو مع هذا كله أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق» (٢).
إلا أنهم وقعوا في مشكلة شديدة ، فإن الرجل لم يختلفوا في الرواية عنه ، والكلمات التي يروونها في حقه كلمات جليلة ، من رجال عظماء ، كسفيان الثوري ، ومعمر ، وشعبة ... حتى إنهم يروون أن بعض الأكابر كسفيان بن عيينة كان من أشدهم قولا فيه ، أو نهى عن السماع منه ، لعقيدته ، ومع ذلك لم يترك الرواية عنه ، وقد حدث عنه الحديث الكثير ...
فابتدعوا هنا أسلوبا آخر ، فقال أحدهم ـ وهو في معرض جرح الرجل ـ : «وأما شعبة وغيره من شيوخنا ـ رحمهمالله تعالى ـ فإنهم رأوا عنده أشياء لم يصبروا عنها وكتبوها ليعرفوها ، فربما ذكر أحدهم عنه الشئ بعد الشئ على جهة التعجب ، فتداوله الناس بينهم» (٣).
فانظر كيف يتلاعبون بالروايات والسنن ...
فتارة يقولون : أن «معمرا» كان له ابن أخ رافضي ، فأدخل الحديث أو الأحاديث في كتب معمر ، فلم يشعر معمر بذلك ولا تلامذته كعبد الرزاق ابن همام ، ولا غيرهم ... حتى وصلت إلينا بأسانيد صحيحة ...!!
__________________
(١) كذا ، ولعله : وغاية.
(٢) تهذيب الكمال ٤ / ٤٦٩.
(٣) كتاب المجروحين لابن حبان ١ / ٢٠٨ ط دار الوعي / حلب ، عنه في هامش تهذيب الكمال ٤ / ٤٧٠.