والآبي في شرح مسلم ، وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة (١) وصاحب ينابيع المودة وغيرهم ، وكلها بعيدة لا حاجة تلجئ إليها مع بطلان الخبر ، إذ لا تعارض بين متواتر وباطل (٢). انتهى.
قلت :
وقد عقدنا الفصل الثالث لذكر تلك الوجوه والجواب عنها تحذيرا للقاصر من الاغترار بها والركون إليها ، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
الثاني : أن مما يوجب القطع ببطلانه أيضا كون ذكر المهدي وخبره لم يرد إلا من جهة الشارع ، فكيف يخبر بأمر أنه سيقع ـ وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ـ ثم ينفيه؟!
والأخبار لا يتصور وقوعها على خلاف ما أخبر به الصادق ، ونفي المهدي يلزم منه وقوع الخبر على خلاف ما أخبر به أولا من وجوده ، واللازم باطل ، وهذا مما قرروا به أن النسخ لا يدخل الأخبار التي هي من هذا القبيل ، وهذا متفق عليه بين علماء الأصول.
قال الزركشي : إن كان مدلول الخبر مما لا يمكن تغيره ، بأن لا يقع إلا على وجه واحد كصفات الله تعالى وخبر ما كان من الأنبياء والأمم وما يكون من الساعة وآياتها كخروج الدجال ، فلا يجوز نسخه بالاتفاق كما قاله أبو إسحاق المروزي وابن برهان في الأوسط ، لأنه يفضي إلى الكذب.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢٥١.
(٢) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ـ المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليهالسلام عند أهل السنة ٢ / ٣٨٠ ـ : ٥٥٨.