الفصل الثالث
وجوه فساد الخبر عند الشيخ الطوسي
لا شك أن التعرض لبيان وجوه فساد الخبر عند الشيخ الطوسي قدسسره ، يكشف عن نوعية الحديث المعتمد عنده ، لأن قوله ـ مثلا ـ بأن هذا الخبر مردود لمخالفته إجماع المسلمين ، يدل بمفهومه على اعتماده على الخبر الموافق لهكذا إجماع.
وعليه ، فالفصل الثالث هذا يجمع بين ما جاء في عنوانه ، وبين جملة وافرة من احتجاجات الشيخ الطوسي واستدلالاته على الحكم الفقهي بأخبار التهذيب والاستبصار المروية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن أهل بيته الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام.
وسوف يتضح ـ إن شاء الله ـ بأن الشيخ قدسسره لم يعتمد على الفكر لتبرير ما روي من الأخبار غير الصحيحة ، وإنما اعتمد الفكر ليرد به عن بصيرة على قول الجهال من أصحاب الحديث ـ على حد تعبيره ـ : «أنه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختل المعنى!!» معللا ذلك بقوله : «لأن الله تعالى دعا إلى التدبر والتفقه ، وذلك مناف للتجاهل والتعامي» (١).
وهكذا أصبح الشيخ ـ بفضل اعتماده على الفكر والتدبر لنصوص الأخبار ـ من أبعد المحدثين عن الأخبار المزيفة الموضوعة ، وأشد الناس
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن ـ للشيخ الطوسي ـ ٩ / ٣٠١.