أهل البيت عليهمالسلام حبا خالصا من كل دغش ، وليس فيه أية شائبة ومصلحة كي يباع بالصفر والبيض أو بشئ آخر ، وإليك هذا الموقف الذي وقفه أبو الأسود الدؤلي (١) مع معاوية حيث روي أن معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء ، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فدخلت ابنة صغيرة له ـ خماسي أو سداسي ـ عليه ، فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها ، فقال لها أبو الأسود : يا بنتي! ألقيه فإنه سم ، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويردنا عن محبة أهل البيت ، فقالت الصبية : قبحه الله ، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر ، تبا لمرسله وآكله ، فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلته ، ثم قالت :
أبالشهد المزعفر يا بن |
|
هند نبيع عليك أحسابا ودينا |
معاذ الله كيف يكون هذا |
|
ومولانا أمير المؤمنينا (٢) |
وقال العلامة المجلسي رحمهالله : رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا : روي أنه دخل أبو أمامة الباهلي على معاوية ، فقربه وأدناه ثم دعا بالطعام ، فجعل يطعم أبا أمامة بيده ، ثم أوسع رأسه ولحيته طيبا بيده ، وأمر له ببدرة من دنانير فدفعها إليه ، ثم قال : يا أبا أمامة! بالله أنا خير أم علي بن أبي طالب؟ فقال أبو أمامة : نعم ولا كذب ، ولو بغير الله سألتني لصدقت ، علي والله خير منك ، وأكرم وأقدم إسلاما ، وأقرب إلى رسول الله قرابة ، وأشد في المشركين نكاية ، وأعظم عند الأمة غناء ، أتدري من علي يا معاوية؟!
__________________
(١) وهو من الشعراء الفصحاء ، ومن الطبقة الأولى من شعراء الإسلام ، وكان من سادات التابعين وأعيانهم ، صحب عليا عليهالسلام ، وشهد معه وقعة صفين.
(٢) أنظر : سفينة البحار ٤ / ٣٢١.