التشريع ، فهم يأخذون أحكامهم منهما ، ولا يتحركون إلا في الإطار الذي رسماه للمسلمين.
وهناك من صار يضيف إلى سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيرة كبار الصحابة ، ويتخذها أصلا ثالثا يحتذى به ـ مع الكتاب والسنة ـ ويسير على طبقه ، وقد كنا سمينا الأول منهما بالمتعبدين ، والثاني بالمجتهدين.
وبتقريب آخر : إن سيرة الإنسان المسلم ومنهجه قد يتخذان ويرسمان من منهج إسلامي محدد ، فيكون المكلف متعبدا بتلك النصوص ، ويمنهج سيرته على طبقه ، ولا يرى لنفسه الاجتهاد قباله ، فهؤلاء هم المطيعون لأوامر الله والرسول ، المنتهون عن نواهيهما ، وهم الذين وصفهم الباري ب : (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (١) وهم الذين قال تعالى عنهم أنهم : (لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (٢) ، فأول هؤلاء يقتفي أثره آخرهم ، ولا يلحظ في سيرتهم الاختلاف المبدئي والتضاد في المنهج والموقف ، وذلك لتعبدهم بمنهج محدد مرسوم من قبل الله ورسوله.
وهناك قسم آخر يسمح لنفسه بالاجتهاد قبال النص ، ويذهب إلى شرعية القول بالمصلحة مثلا ، ومن الطبيعي أن يختلف هؤلاء في المواقف والآراء ، طبقا لاختلاف وجهات النظر عندهم.
والأنكى من هذا أنهم ـ وكما ألمحنا ـ قد جعلوا هذه المواقف أصولا شرعية لاحقا ، بسبب ذهاب فلان إلى الرأي الفلاني ، مع عدم اعتقادهم بعصمته ، أي أنهم شرعوا تعددية الرأي والأخذ بقول الرجال إلى جانب
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٦.
(٢) سورة النساء ٤ : ٦٥.