نحن فيه صوابا ، فأبوك استبد به ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، ولسلمنا إليه ، ولكنا أباك فعل ذلك به من قبلنا ، فأخذنا بمثله ، فعب أباك بما بدا لك ، أو دع ذلك ، والسلام على من أناب» (١).
وروى البلاذري ما كتبه يزيد بن معاوية في جواب عبد الله بن عمر ، لما اعترض عليه بقتل الحسين عليهالسلام : «أما بعد ، يا أحمق! فإنا جئنا إلى بيوت مجددة ، وفرش ممهدة ، ووسائد منضدة ، فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا ، وإن يكن الحق لغيرنا فأبوك أول من سن هذا واستأثر بالحق على أهله».
وكمثال تطبيقي على ما قلنا ، نرى أن معاوية ينتهج السياسة نفسها التي انتهجها عمر بن الخطاب في الموالي ، فقد جاء في رسالته إلى زياد بن أبيه : «وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم ، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب ، فإن ذلك خزيهم وذلهم ، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحهم ...».
وهكذا أصبحت سيرة الشيخين سنة تتبع في الحديث (٢) والفقه (٣)
__________________
(١) جمهرة رسائل العرب ١ / ٤٧٧ عن مروج الذهب ٢ / ٦٠٠ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٩٠.
(٢) إذ حدد عثمان ومعاوية التحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «في ما عمل به على عهد عمر».
أنظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٣٣٦ ، كنز العمال ١ / ٢٩١ ، تاريخ دمشق ٣ / ١٦٠.
(٣) فمثلا جاء عن مروان بن الحكم قوله : إن عمر بن الخطاب لما طعن استشارهم في الجد ، فقال : إني رأيت في الجد رأيا ، فإن رأيتم أن تتبعوه فاتبعوه ، فقال عثمان : إن نتبع رأيك فهو رشد ، وإن نتبع رأي الشيخ من قبلك فنعم ذو الرأي كان.
أنظر : المستدرك على الصحيحين ٤ / ٣٤٠.