أو بعدها عن مواقف وثوابت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكيفية الجمع والتفريق بينهما ، وأول شاخص يطالعنا في ذلك هو :
١ ـ الاهتمام بالحفظ والنسب :
المعروف عن عقلية العرب في الجزيرة أنها كانت تعتمد على حافظتها ـ في حفظ أشعارها وآثارها ومآثرها ـ وترغب عن التدوين ، ولا تعتمده ، ومن شواهده أنا نرى وصول جمهرة عظيمة من قصائدهم التي تحمل لغتهم وثقافة حروبهم وصلحهم وجميع جوانب حياتهم ، وفي المقابل نلحظ عدم وصول شئ يوازي ذلك من خطبهم و ... ، وما ذلك إلا لأن الشعر سهل الحفظ والتناول ، بعكس الخطب التي يصعب حفظها ، ولما لم تكن مدونة فقد ضاع أغلبها ولم يصل إلينا إلا النزر اليسير.
وفي هذه الفترة نرى أن أبا بكر كان معدودا من العالمين بأنساب العرب ، لما روته عائشة عن أبيها أنه كان أعلم قريش بأنسابها (١) ، وقال ابن إسحاق في السيرة الكبرى : وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلمهم بما كان منها من خير أو شر (٢).
ومما يتبع علم النسب هو السباب ، لأنهم كانوا يتعلمون النسب للمفاخرة والمنافرة وبيان مثالب الآخرين.
قال ابن عبد ربه : كان أبو بكر نسابة ، وكان سعيد بن المسيب نسابة ،
__________________
(١) الأنساب ـ للسمعاني ـ ١ / ٢٢.
(٢) السير والمغازي : ١٤٠. وانظر : الأنساب ـ للسمعاني ـ ١ / ٢٢ ح ١١ ، والتبيين في أنساب القرشيين : ٢٠٩.