(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (١٠٤) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً) (١٠٨)
____________________________________
وإلا فحالهم أفظع من أن تمكنهم من الاشتغال بتذكر أيام النعمة والسرور واستقصارها والتأسف عليها (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) وهو مدة لبثهم (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) أى أعدلهم رأيا أو عملا (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) ونسبة هذا القول إلى أمثلهم استرجاح منه تعالى له لكن لا لكونه أقرب إلى الصدق بل لكونه أدل على شدة الهول (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) أى عن مآل أمرها وقد سأل عنه رجل من ثقيف وقيل مشركو مكة على طريق الاستهزاء (فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) أى يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها والفاء للمسارعة إلى إلزام السائلين (فَيَذَرُها) الضمير إما للجبال باعتبار أجزائها السافلة الباقية بعد النسف وهى مقارها ومراكزها أى فيذر ما انبسط منها وساوى سطحه سطوح سائر أجزاء الأرض بعد نسف مانتأ منها ونشز وإما للأرض المدلول عليها بقرينة الحال لأنها الباقية بعد نسف الجبال وعلى التقديرين يذر الكل (قاعاً صَفْصَفاً) لأن الجبال إذا سويت وجعل سطحها مساويا لسطوح سائر أجزاء الأرض فقد جعل الكل سطحا واحدا والقاع قيل السهل وقيل المنكشف من الأرض وقيل المستوى الصلب منها وقيل مالا نبات فيه ولا بناء والصفصف الأرض المستوية الملساء كان أجزاءه صف واحد من كل جهة وانتصاب قاعا على الحالية من الضمير المنصوب أو هو مفعول ثان ليذر على تضمين معنى التصيير وصفصفا إما حال ثانية أو بدل من المفعول الثانى وقوله تعالى (لا تَرى فِيها) أى فى مقار الجبال أو فى الأرض على ما مر من التفصيل (عِوَجاً) بكسر العين أى اعوجاجا ما كأنه لغاية خفائه من قبيل ما فى المعانى أى لا تدركه إن تأملت بالمقاييس الهندسية (وَلا أَمْتاً) أى نتوءا يسيرا استئناف مبين لكيفية ما سبق من القاع الصفصف أو حال أخرى أو صفة لقاعا والخطاب لكل أحد ممن تتأتى منه الرؤية وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر مع ما فيه من طول ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم (يَوْمَئِذٍ) أى يوم إذ نسفت الجبال على إضافة اليوم إلى وقت النسف وهو ظرف لقوله تعالى (يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) وقيل بدل من يوم القيامة وليس بذاك أى يتبع الناس داعى الله عزوجل إلى المحشر وهو إسرافيل عليهالسلام يدعو الناس عند النفخة الثانية قائما على صخرة بيت المقدس ويقول أيتها العظام النخرة والأوصال المتفرقة واللحوم المتمزقة قومى إلى