(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) (١٠٣)
____________________________________
الصفة فتقديمه يذهب برونق النظم الكريم (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) عن ذلك الذكر العظيم الشأن المستتبع لسعادة الدارين وقيل عن الله عزوجل ومن إما شرطية أو موصولة وأياما كانت فالجملة صفة لذكرا (فَإِنَّهُ) أى المعرض عنه (يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) أى عقوبة ثقيلة فادحة على كفره وسائر ذنوبه وتسميتها وزرا إما لتشبيهها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذى يفدح الحامل وينقض ظهره أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم والأول هو الأنسب بما سيأتى من تسميتها حملا وقوله تعالى (خالِدِينَ فِيهِ) أى فى الوزر أو فى احتماله المستمر حال من المستكن فى يحمل والجمع بالنظر إلى معنى من لما أن الخلود فى النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها كما أن الإفراد فيما سبق من الضمائر الثلاثة بالنظر إلى لفظها (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) أى بئس لهم ففيه ضمير مبهم يفسره حملا والمخصوص بالذم محذوف أى ساء حملا وزرهم واللام للبيان كما فى هيت لك كأنه لما قيل ساء قيل لمن يقال هذا فأجيب لهم وإعادة يوم القيامة لزيادة التقرير وتهويل الأمر (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل من يوم القيامة أو منصوب بإضمار اذكر أو ظرف لمضمر قد حذف للإيذان بضيق العبارة عن حصره وبيانه حسبما مر فى تفسير قوله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) وقوله تعالى (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) وقرىء ننفخ بالنون على إسناد النفخ إلى الآمر به تعظيما له وبالياء المفتوحة على أن ضميره لله عزوجل أو لإسرافيل عليهالسلام وإن لم يجر ذكره لشهرته (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ) أى يوم إذ ينفخ فى الصور وذكره صريحا مع تعين أن الحشر لا يكون إلا يومئذ للتهويل وقرىء ويحشر المجرمون (زُرْقاً) أى حال كونهم زرق العيون وإنما جعلوا كذلك لأن الزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها إلى العرب فإن الروم الذين كانوا أعدى عدوهم زرق ولذلك قالوا فى صفة العدو أسود الكبد وأصهب السبال وأزرق العين أو عميا لأن حدقة الأعمى تزرق وقوله تعالى (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ) أى يخفضون أصواتهم ويخفونها لما يملأ صدورهم من الرعب والهول استئناف ببيان ما يأتون وما يذرون حينئذ أو حال أخرى من المجرمين أى يقول بعضهم لبعض بطريق المخافتة (إِنْ لَبِثْتُمْ) أى ما لبثتم فى الدنيا (إِلَّا عَشْراً) أى عشر ليال استقصار لمدة لبثهم فيها لزوالها أو لاستطالتهم مدة الآخرة أو لتأسفهم عليها لما عاينوا الشدائد وأيقنوا أنهم استحقوها على إضاعتها فى قضاء الأوطار واتباع الشهوات أو فى القبر وهو الأنسب بحالهم فإنهم حين يشاهدون البعث الذى كانوا ينكرونه فى الدنيا ويعدونه من قبيل المحالات لا يتمالكون من أن يقولوا ذلك اعترافا به وتحقيقا لسرعة وقوعه كأنهم قالوا قد بعثتم وما لبثتم فى القبر إلا مدة يسيرة