(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤) وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (١١٥)
____________________________________
هَضْماً) ولا كسرا منه ينقص أولا يخاف جزاء ظلم وهضم إذ لم يصدر عنه ظلم ولا هضم حتى يخافهما وقرىء فلا يخف على النهى (وَكَذلِكَ) عطف على (كَذلِكَ نَقُصُ) وذلك إشارة إلى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبئة عما سيقع من أحوال القيامة وأهوالها أى مثل ذلك الإنزال (أَنْزَلْناهُ) أى القرآن كله وإضماره من غير سبق ذكره للإيذان بنباهة شأنه وكونه مركوزا فى العقول حاضرا فى الأذهان (قُرْآناً عَرَبِيًّا) ليفهمه العرب ويقفوا على ما فيه من النظم المعجز الدال على كونه خارجا عن طوق البشر نازلا من عند خلاق القوى والقدر (وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) أى كررنا فيه بعض الوعيد أو بعضا من الوعيد حسبما أشير إليه آنفا (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أى كى يتقوا الكفر والمعاصى بالفعل (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) اتعاظا واعتبارا مؤديا بالآخرة إلى الاتقاء (فَتَعالَى اللهُ) استعظام له تعالى ولشئونه التى يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهى والوعد والوعيد وغير ذلك أى ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله (الْمَلِكُ) النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده (الْحَقُّ) فى ملكوته وألوهيته لذاته أو الثابت فى ذاته وصفاته (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ) أى يتم (وَحْيُهُ) كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا ألقى إليه جبريل عليهماالسلام الوحى يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اعتنائه بالتلقى والحفظ فنهى عن ذلك إثر ذكر الإنزال بطريق الاستطراد لما أن استقرار الألفاظ فى الأذهان تابع لاستقرار معانيها فيها وربما يشغل التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها وأمر باستفاضة العلم واستزادته منه تعالى فقيل (وَقُلْ) أى فى نفسك (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) أى سل الله عزوجل زيادة العلم فإنه الموصل إلى طلبتك دون الاستعجال وقيل أنه نهى عن تبليغ ما كان مجملا قبل أن يأتى بيانه وليس بذاك فإن تبليغ المجمل وتلاوته قبل البيان مما لا ريب فى صحته ومشروعيته (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ) كلام مستأنف مسوق لتقرير ما سبق من تصريف الوعيد فى القرآن وبيان أن أساس بنى آدم على العصيان وعرقه راسخ فى النسيان مع ما فيه من إنجاز الموعود فى قوله تعالى (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) يقال عهد إليه الملك وعزم عليه وتقدم إليه إذا أمره ووصاه والمعهود محذوف يدل عليه ما بعده واللام جواب قسم محذوف أى وأقسم أو وبالله وتالله لقد أمرناه ووصيناه (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل هذا الزمان (فَنَسِيَ) أى العهد ولم يعتن به حتى غفل عنه أو تركه ترك المنسى عنه وقرىء فنسى أى نساه الشيطان (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)