(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (١٣٤)
____________________________________
فى نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه (وَأَبْقى) فإنه لا يكاد ينقطع نفسه أو أثره أبدا كما عليه زهرة الدنيا (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) أمر صلىاللهعليهوسلم بأن يأمر أهل بيته أو التابعين له من أمته بالصلاة بعد ما أمر هو بها ليتعاونوا على الاستعانة على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) وثابر عليها غير مشتغل بأمر المعاش (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) أى لا نكلفك أن ترزق نفسك ولا أهلك (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) وإياهم ففرغ بالك بأمر الآخرة (وَالْعاقِبَةُ) الحميدة (لِلتَّقْوى) أى لأهل التقوى على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه تنبيها على أن ملاك الأمر هو التقوى روى أنه صلىاللهعليهوسلم كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) حكاية لبعض أقاويلهم الباطلة التى أمر صلىاللهعليهوسلم بالصبر عليها أى هلا يأتينا بآية تدل على صدقه فى دعوى النبوة أو آية مما اقترحوها بلغوا من المكابرة والعناد إلى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات التى تخر لها صم الجبال من قبيل الآيات حتى اجترءوا على التفوه بهذه العظيمة الشنعاء وقوله تعالى (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) أى التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية رد من جهته عز وعلا لمقالتهم القبيحة وتكذيب لهم دسوا تحتها من إنكار إتيان الآية بإتيان القرآن الكريم الذى هو أم الآيات وأس المعجزات وأعظمها فيما وأبقاها لأن حقيقة المعجزة اختصاص مدعى النبوة بنوع من الأمور الخارقة للعادات أى أمر كان ولا ريب فى أن العلم أجل الأمور وأعلاها إذ هو أصل الأعمال ومبدأ الأفعال ولقد ظهر مع حيازته لجميع علوم الأولين والآخرين على يد أمى لم يمارس شيئا من العلوم ولم يدارس أحدا من أهلها أصلا فأى معجزة تراد بعد وروده وأى آية ترام مع وجوده وفى إيراده بعنوان كونه بينة لما فى الصحف الأولى من التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية أى شاهدا بحقية ما فيها من العقائد الحقة وأصول الأحكام التى أجمعت عليها كافة الرسل وبصحة ما تنطق به من أنباء الأمم من حيث إنه غنى بإعجازه عما يشهد بحقيته حقيق بإثبات حقية غيره مالا يخفى من تنويه شأنه وإنارة برهانه ومزيد تقرير وتحقيق لإتيانه وإسناد الإتيان إليه مع جعلهم إياه مأتيا به للتنبيه على أصالته فيه مع ما فيه من المناسبة للبينة والهمزة لإنكار الوقوع والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل ألم تأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما فى الصحف الأولى تقريرا لإتيانه وإيذانا بأنه من الوضوح بحيث لا يتأتى منهم إنكاره أصلا وإن اجترءوا على إنكار سائر الآيات مكابرة وعنادا وقرىء أو لم يأتهم بالياء التحتانية وقرىء الصحف بالسكون تخفيفا وقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّا