(بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٤١)
____________________________________
يستعجلونه وإضافته إلى الجملة الجارية مجرى الصفة التى حقها أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند المخاطب أيضا مع إنكار الكفرة لذلك للإيذان بأنه من الظهور بحيث لا حاجة له إلى الإخبار به وإنما حقه الانتظام فى سلك المسلمات المفروغ عنها وجواب لو محذوف أى لو لم يستمر عدم علمهم بالوقت الذى يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد من الحين الذى تحيط بهم النار فيه من كل جانب وتخصيص الوجوه والظهور بالذكر بمعنى القدام والخلف لكونهما أشهر الجوانب واستلزام الإحاطة بهما الإحاطة* بالكل بحيث لا يقدرون على دفعها بأنفسهم من جانب من جوانبهم (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) من جهة الغير فى دفعها الخ لما فعلوا ما فعلوا من الاستعجال ويجوز أن يكون يعلم متروك المفعول منزلا منزلة اللازم أى لو كان لهم علم لما فعلوه وقوله تعالى (حِينَ) الخ استئناف مقرر لجهلهم ومبين لاستمراره إلى ذلك الوقت كأنه قيل حين يرون ما يرون يعلمون حقيقة الحال (بَلْ تَأْتِيهِمْ) عطف على لا يكفون أى لا يكفونها بل تأتيهم أى العدة أو النار أو الساعة (بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) أى تغلبهم أو تحيرهم وقرىء الفعلان بالتذكير على أن الضمير للوعد أو الحين وكذا الهاء فى قوله تعالى (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) بتأويل الوعد بالنار أو العدة والحين بالساعة ويجوز عوده إلى النار وقيل إلى البغتة أى لا يستطيعون ردها عنهم بالكلية (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أى يمهلون ليستريحوا طرفة عين وفيه تذكير لإمهالهم فى الدنيا (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عن استهزائهم به صلىاللهعليهوسلم فى ضمن الاستعجال وعدة ضمنية بأنه يصيبهم مثل ما أصاب المستهزئين بالرسل السالفة عليهم الصلاة والسلام وتصديرها بالقسم لزيادة تحقيق مضمونها وتنوين الرسل للتفخيم والتكثير ومن متعلقة بمحذوف هو صفة له أى وبالله لقد استهزىء برسل أولى شأن خطير وذوى عدد كثير أو حل أو نحو ذلك فإن معناه يدور على الشمول واللزوم ولا يكاد يستعمل إلا فى الشر والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله وقوله تعالى (بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ) أى من أولئك الرسل عليهمالسلام متعلق بحاق وتقديمه على فاعله الذى هو قوله تعالى (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) للمسارعة إلى بيان لحوق الشر بهم وما إما موصولة مفيدة للتهويل والضمير المجرور عائد إليها والجار متعلق بالفعل وتقديمه عليه لرعاية الفواصل أى فأحاط بهم الذى كانوا يستهزئون به حيث أهلكوا لأجله وإما مصدرية فالضمير المجرور راجع حينئذ إلى جنس الرسول المدلول عليه بالجمع كما قالوا ولعل إيثاره على الجمع للتنبيه على أنه يحيق بهم جزاء استهزائهم بكل واحد واحد منهم عليهمالسلام لا جزاء استهزائهم بكلهم من حيث هو كل فقط أى فنزل بهم جزاء استهزائهم على وضع السبب موضع المسبب إيذانا بكمال الملابسة بينهما أو عين استهزائهم إن أريد بذلك العذاب الأخروى بناء على تجسم الأعمال فإن الأعمال الظاهرة فى هذه النشأة بصور عرضية تبرز فى النشأة الآخرة بصور جوهرية مناسبة لها فى الحسن والقبح