اتباع سياسة التطميع في بعض الأحيان للوصول إلى الهدف ..
ومن ذلك ما فعلوه مع العباس بن عبد المطلب ، إذ إنهم أرادوا ـ باقتراح من المغيرة بن شعبة ـ أن يحدثوا شقا في الصف الهاشمي ، كالذي سعى إليه أبو سفيان من قبل في إحداث الشقاق في الصف الإسلامي ـ لما حاول مخادعة الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فزجره الإمام عليهالسلام ـ .. وذلك بإشراك العباس في الأمر ، إذ جاء أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة إلى العباس ليلا ، فقال له أبو بكر في ما قال :
ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ، ويكون لمن بعدك من عقبك ...
فقال له العباس : إن الله بعث محمدا كما وصفت نبيا ، وللمؤمنين وليا ، فمن الله به على أمته حتى قبضه الله إليه ، واختار له ما عنده ، فخلى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق ، لا مائلين بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله أخذت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين أخذت فنحن منهم ... وإن كان هذا الأمر إنما وجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنا كارهين ... وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله ، من قولك : «خلى على الناس أمورهم ليختاروا» فاختاروك!!
فأما ما قلت إنك تجعله لي ، فإن كان حقا للمؤمنين ، فليس لك أن تحكم فيه ، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض ، وعلى رسلك ، فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها (١).
__________________
(١) السقيفة وفدك ـ للجوهري ـ : ٤٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٢٢٥ طبعة لندن.