وعمله هو بالزعامة أعرف ، وشرائطها أقوم ، وفصل قوم ، فقالوا : نصب الأفضل إن أثار فتنة لم يجب ، وإلا وجب.
وقال الشريف الجرجاني : كما إذا فرض أن العسكر والرعية لا ينقادون للفاضل بل للمفضول (١).
نعم ، إن الحاجة والسياسة أوصلتهم للاعتقاد بفكرة تقديم المفضول على الفاضل ، ثم انجرت إلى القول بأن المقدم في الخلافة هو المقدم في الفضل!!
حتى قال أحمد بن محمد الوتري البغدادي في روضة الناظرين :
اعلم أن جماهير أهل السنة والجماعة يعتقدون أن أفضل الناس بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله تعالى عنهم ، وأن المتقدم في الخلافة هو المقدم في الفضيلة ، لاستحالة تقديم المفضول على الفاضل ، لأنهم كانوا يراعون الأفضل فالأفضل ، والدليل عليه : إن أبا بكر رضياللهعنه لما نص على عمر رضياللهعنه قام طلحة رضياللهعنه فقال : ما تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا؟!
فقال أبو بكر رضياللهعنه : فركت لي عينيك ، ودلكت لي عقبيك ، وجئتني تكفني عن رأيي ، وتصدني عن ديني ، أقول له إذا سألني : خلفت عليهم خير أهلك ، فدل على أنهم كانوا يراعون الأفضل فالأفضل (٢).
فها هم ينتقلون من فكرة تقديم المفضول على الفاضل إلى فكرة أن
__________________
(١) شرح المواقف ٣ / ٢٧٩ ، وانظر : الغدير ٧ / ١٤٩.
(٢) روضة الناظرين : ٢ ، كما في الغدير ٧ / ١٥٢.