النداء موجها إلى الأنصار ، ثم قصر النداء فوجه إلى بني الحارث بن الخزرج الذين كانوا صبرا عند اللقاء (١) ، وكانت الأنصار في كل ذلك إلى جانب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ضد قريش وعتاتها ..
وقد تجلى ذلك واضحا في وقعة الخندق (الأحزاب) ، فقد دافعوا عن مدينتهم بحفر الخندق ، وأكبروا موقف علي عليهالسلام في قتله عمرو بن عبد ود ومن عبروا معه الخندق ، كما تجلى الصراع وبغض الحزب القرشي للأنصار في فتح مكة ، فقد عدت قريش هزيمتها أمام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما كان نصرا للأنصار.
وقد ذكر الزبير بن بكار مقولة لعمرو بن العاص ـ لما رجع من سفر كان فيه بعد أحداث السقيفة ـ فيها تعريض بالأنصار ، ولما قدم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وسمع بمقالة عمرو بن العاص غضب للأنصار ، وشتم عمرو بن العاص ، وقال : «يا معشر قريش! إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه ، فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه ، وإن من كيده الإسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار ، والله ما حاربناهم للدين ولا للدنيا ، لقد بذلوا دماءهم لله فينا ...» (٢).
وجاء عن الفضل بن العباس أنه اعترض على عمرو بن العاص في موقف آخر له ضد الأنصار ، وقد كان الفضل أخبر عليا بذلك فغضب الإمام وشتم عمرا ، وقال : «آذى الله ورسوله» ، ثم اجتمع في المسجد بنفر كثير من قريش وقال مغضبا : «يا معشر قريش! إن حب الأنصار إيمان وبغضهم
__________________
(١) المغازي النبوية ـ للزهري ـ : ٩٢ ، المغازي ـ للواقدي ـ ٣ / ٨٩٩.
(٢) الأخبار الموفقيات : ٤٧٢ ـ ٤٧٤ ح ٣٨٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢٨١.