تعلمون) (١) ، ولقوله تعالى : (يؤمنون بالغيب) (٢).
وعلى ضوء ما قلناه يجب فهم ومعرفة هذه المفاهيم الغيبية والحقائق الإلهية ، وأن لا نتعامل مع الذوات العالية كذوات دانية ، ونحن ـ والحق يقال ـ لا ندرك كنه مقام النبي والإمام ، لأن عالمهم الغيبي أسمى من عالمنا بكثير ..
وإن أبعاد ذلك العالم وصلاحياته مجهولة لكثير منا ، فلا يمكنهم أن يعرفوا كيف يكون الرسول شهيدا علينا وبعد أربعة عشر قرنا؟! لقوله تعالى : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (٣) فنتساءل : هل هذه الأمة مختصة بعصر الصحابة ، أم لها الشمولية للأزمان كلها؟! وما معنى شهادة الرسول فيها؟! وكيف يمكن تصور شهادته صلىاللهعليهوآلهوسلم طبق الضوابط المادية التي نعرفها؟!
إن ذلك كله من الغيب الإلهي الذي لا بد من الالتزام به وإن لم نعرف حقيقته وكيفيته ، فهناك مفاهيم معنوية غيبية كثيرة في حياتنا الإسلامية يجب معرفتها والوقوف على كنهها.
وباعتقادي : إن تسليط الضوء على هذه الزاوية سيحل الكثير من المسائل العقائدية التي لا يدرك عمقها الآخرون!!
وإن تلك الأمور تشابه تسبيح الموجودات لرب العالمين التي لا نفقه تسبيحها ، وهي كضيافة الله لعباده في شهر رمضان والتي لا تشابه ضيافة الناس بعضهم لبعض ، إذ إن مفهوم الأكل عند الباري يختلف عن مفهوم
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٩٤.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٣.
(٣) سورة البقرة ٢ : ١٤٣.