وهذا المقدار الذي ذكرناه بشأن الغلو لا بد منه ، لكي يعلم ـ ونحن نبين موقف الشيخ الطوسي من أخبار الغلاة أو المتهمين بالغلو ـ أن نسبة الغلو إلى التشيع مع انقراض جميع فرق الغلاة المحسوبة على التشيع ظلما ، إنما هي نسبة لا تمت إلى الواقع بصلة نظرا لما في تراث التشيع الزاخر بتكفير الغلاة والبراءة منهم ولعنهم على رؤوس الأشهاد ، هذا في الوقت الذي نرى فيه احتلال رموز المجبرة والمشبهة وأمثالهم قمة الإطراء والتبجيل!!
وجدير بالذكر أن نسبة الغلو إلى جملة من رواة الشيعة لم تثبت ، لعدم وجود ما يدل ـ ولو بالدلالة الهامشية ـ على اعتقادهم بما لا يجوز في حق الأئمة عليهمالسلام ، لوجود المخرج الصحيح لروياتهم ..
أما من أين جاءت إليهم تلك النسبة؟! فهذا يعود ـ كما نرى ـ إلى الظروف السياسية التي عاشها بعض رموز التشيع وقادتهم ممن كانت لهم الكلمة النافذة والجاه العريض ، كأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، الذي حاول أن يمنع رواية بعض فضائل أهل البيت عليهمالسلام التي لا يستسيغ سماعها علماء العامة ، وكذلك من لم يع قدر أهل البيت عليهمالسلام من الشيعة أنفسهم ، وهم من عرفوا بالمقصرين ، مع الإذن برواية ما عداها ، وذلك لضمان وحدة الموقف أولا ، وعدم نفور الطرف الآخر ثانيا ، والتمهيد بهذا إلى الدخول في معتركه الفكري والثقافي بغية إظهار التشيع بصورة تحتملها النفوس التي دأبت على إقصاء تراث أهل البيت عليهمالسلام وتربت على عداء شيعتهم وتكذيبهم في كل أو جل ما يروونه. ونتيجة لهذا فقد اضطر الأشعري إلى ممارسة منهجه وتطبيقه بالقوة كما فعل مع البرقي وغيره! ولم يلبث الأمر هكذا حتى ظهر اتجاه عام ومنهج متشدد في التعامل