والذي قدر له البقاء من العناوين السبعة المتقدمة للمعنى الاصطلاحي هو : الظرف ، والمفعول فيه ، إذ ما زالا يستعملان معا إلى اليوم عنوانا للمعنى الاصطلاحي.
وفي بيان المعنى الاصطلاحي للظرف قال الزجاجي (ت ٣٤٠ ه) : إن الظروف «مفعول فيها ، لأن الفعل لا يصل إليها ولا يقع بها ، وإنما هي محتوية على الفاعل والمفعول والفعل معا ، فشبهت بالظروف المحتوية للأشياء المشتملة عليها ، كقولك : خرجت يوم الجمعة ، وجلست مكانك ، إنما معناه : أنك فعلت فعلا في يوم الجمعة وفي المكان ، لا أوصلت إليهما فعلا في ذاتهما» (١).
ولعل أول من طرح الحد الاصطلاحي للظرف ابن جني (ت ٣٩٣ ه) قال : «الظرف كل اسم من أسماء الزمان أو المكان يراد به معنى (في) وليست في لفظه ، كقولك : قمت اليوم ، وجلست مكانك ، لأن معناه : قمت في اليوم ، وجلست في مكانك» (٢).
وحده ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ ه) بأنه : «ما يذكر للبيان عن أي زمان وأي مكان وقع فيهما الفعل ... وشرطه أن يكون مضمنا معنى (في)» (٣) ، ومراده ب (ما) المنصوب ، لذكره إياه ضمن جملة المنصوبات.
وحده عبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ ه) بأنه : " ما كان منصوبا على معنى حرف الجر الذي هو (في) ، كقولك : خرجت يوم الجمعة ، وجلست خلفك ... إلا أن حرف الجر إذا ظهر وعمل الجر لم يسموه ظرفا ، وكان
__________________
(١) الجمل في النحو ، الزجاجي ، تحقيق علي توفيق الحمد : ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٢) اللمع في العربية ، ابن جني ، تحقيق فائز فارس : ٥٥.
(٣) شرح المقدمة المحسبة ، ابن بابشاد ، تحقيق خالد عبد الكريم ٢ / ٣٠٦.