للشيخ العالم العامل ، الأديب الكامل ، شيخ الإسلام والمسلمين ، إمام الملة والدين ، الشيخ شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد الدلاصي المصري البوصيري تغمده الله برحمته ورضوانه ، وأفاض عليه شآبيب عفوه وغفرانه ، وقد سارت بها [على تقادم عهدها] (١) الركبان ، وأذعن لها بالفضل كل قاص ودان ، وقد تداولتها الرواة ، وتغنت بها الحداة ، وتلقتها جميع الفضلاء والأدباء بالقبول ، وهبت عليها من قدس الجلال نسمات القبول.
وسارت مسير الشمس في كل بلدة |
|
وهبت هبوب الريح في البر والبحر |
وما ذاك إلا لما اشتملت عليه من المحاسن الفائقة ، واحتوت عليه من المعاني الرائقة ، مضافا إلى شرف ممدوحها الذي حسنت بما انطوت عليه من ذكره أساليبها ، ورصنت بما احتوت من وصفه تراكيبها ، فشرفت لذلك معانيها ، ولطفت لما هنالك مبانيها.
وسار بها من لا يسير مشمرا |
|
وغنى بها من لا يغني مغردا (٢) |
فالناس بين شارح لغامض أسرارها ، وكاشف لنقاب أستارها ، وبين من انبرى لمباراتها ، وجرى على النسق لمجاراتها ، وبين من تصدى لها
__________________
(١) ما بين المعقوفين من معادن الجواهر.
(٢) البيت للمتنبي يمدح سيف الدولة. ديوانه ـ بالشرح المنسوب إلى العكبري ـ ١ / ٢٩١ ق ٦٠ ب ٣٧.
وأول القصيدة :
لكل امرئ من دهره ما تعودا |
|
وعادات سيف الدولة الطعن في العدا |