قالت الشيعة : روي عن ابن عباس مرفوعا أنه قال : السابقون ثلاثة ، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون ، والسابق إلى عيسى صاحب ياسين ، والسابق إلى محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
ولا يخفى أن هذا أيضا تمسك بالرواية لا بالآية.
ومدار إسناد هذه الرواية على أبي الحسن الأشقر ، وهو ضعيف بالإجماع ، قال العقيلي : هو شيعي متروك الحديث.
ولا يبعد أن يكون هذا الحديث موضوعا ، إذ فيه من أمارات الوضع أن صاحب ياسين لم يكن أول من آمن بعيسى ، بل برسله كما يدل عليه نص الكتاب ، وكل حديث يناقض مدلول الكتاب في الأخبار والقصص فهو موضوع كما هو المقرر عند المحدثين.
وأيضا : انحصار السباق في ثلاثة رجال غير معقول ، فإن لكل نبي سابقا بالإيمان به لا محالة.
وبعد اللتيا والتي ، أية ضرورة أن يكون كل سابق صاحب الزعامة الكبرى وكل مقرب إماما؟!
وأيضا : لو كانت هذه الرواية صحيحة لكانت مناقضة للآية صراحة ، لأن الله تعالى قال في حق السابقين : (ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين) (١) والثلة هو الجمع الكثير ، ولا يمكن أن يطلق على الاثنين جمع كثير ، ولا على الواحد قليل أيضا ، فعلم أن المراد بالسبق من الآية عرفي ، أو إضافي شامل للجماعة الكثيرة ، لا حقيقي ، بدليل الآية الأخرى :
__________________
(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٣ و ١٤.