صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممن كان يتعامل معه يوميا أو لازموه إلى فئات عديدة صالحة وطالحة ، فكيف يعمم الصلاح إلى الكل؟! فلا يكون التعميم إلا بأن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ، أو يتعامى عن النظر إلى جميع آيات السورة الواحدة ، أو تصم الآذان عن سماعها جميعا! وهذا التقسيم ـ كما نبهنا سابقا ـ دليل على عدم إطلاق «المهاجر» على كل مكي أسلم وانتقل إلى المدينة ، وعلى عدم إطلاق «الأنصاري» على كل مدني أسلم ، بل يطلق كل منهما مع توافر قيود عديدة أخرى.
ولاحظ أسلوب هذه الآيات التي تستعرض النماذج الأخرى ، فإنه أسلوب لا يرى فيه الهوادة والمهادنة ، كقوله تعالى : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) (١).
وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين * وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون * أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة
__________________
وقوله تعالى : (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ...) سورة التوبة ٩ : ٧٥.
وقوله تعالى : (ومنهم من يلمزك في الصدقات ...) سورة التوبة ٩ : ٥٨.
وقوله تعالى : (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ...) سورة التوبة ٩ : ٧٩.
وقوله تعالى : (ومنهم الذين يؤذون النبي ...) سورة التوبة ٩ : ٦١.
وقوله تعالى : (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ...) سورة التوبة ٩ : ١٠٢.
(١) سورة التوبة ٩ : ٧٣.