توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) (١).
فنرى في سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنها تشترط في عنوان الصدق الثبات عند الزحف وعدم الفرار والجبن ، بينما المنافق الخفي جبان في الحروب والنزال كأنه يغشى عليه من الموت لشدة خوفه وجبنه ، فإذا قاد جيشا ليفتح حصنا عاد يجبن الناس والناس يجبنونه ، بخلاف الصادق ، فإنه كرار غير فرار ، يفتح الله على يديه ..
والمنافق الخفي المحترف للنفاق يحزن من هول القتال والكفار ، ويقول ـ مثلا ـ : يا رسول الله! إنها قريش وخيلاؤها ، ما هزمت قط. فليس ذلك علامة الصدق في ما يدعيه من الإيمان ، فهذا الصحابي الذي أشارت إلى فئته سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المنافق المحترف ، وصفتهم عكس ما أشير إليه في سورة الفتح بقوله تعالى : (أشداء على الكفار رحماء بينهم) (٢) ، وإن صحابي هذه الفئة غظ فظ مع المؤمنين في السلم ، هجين ذعر جبان في الحرب مع الكفار.
ثم إن السورة تلاحق وجود فئة محترفة للنفاق وهي : (الذين في قلوبهم مرض) (٣) وهي الفئة التي أشارت إليها سورة المدثر المكية (٤) ،
__________________
(١) سورة محمد ٤٧ : ٢٠ ـ ٣٠.
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.
(٣) سورة محمد ٤٧ : ٢٠ و ٢٩.
(٤) سورة المدثر ٧٤ : ٣١.