مطبوع على قلوبها ، وكذلك سورة المدثر السابقة لها نزولا ..
بل إن في الآية الأولى المذكورة من هذه السورة تقييد الهجرة بكونها في الله ، لا لإجل الأغراض والطموحات الدنيوية وتقلد المناصب أو بعض الأمور كما هو دأب فئة (الذين في قلوبهم مرض) كما تشير إلى ذلك سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الآيات ٢٠ ـ ٢٤ ، بعدما اطلعوا على ظفر ونصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على العرب ، اطلعوا على ذلك من أهل الكتاب ، فقد كانوا على صلة بهم كما تشير إلى ذلك سورة المائدة ، الآية ٥٢ ، إذ كان أهل الكتاب على علم بذلك كما قال تعالى عنهم : (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) (١).
وقد سبق أن بينا مفصلا أن الهجرة والمهاجر والنصرة والأنصار في القرآن ليس بمعنى كل مكي ونحوه أسلم في الظاهر وانتقل إلى المدينة ، كما أن اللفظة الثانية ليست لكل مدني أسلم في الظاهر وإن شاع ذلك في الأذهان غفلة وخطأ ، فراجع.
وقد تقدم مفاد الآية الخامسة المذكورة من سورة التوبة ، عند الكلام عن السورة ، فراجع ، وأنها في قراءة أهل البيت عليهمالسلام : (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار) (٢) وأن هذه السورة لم تترك فئة أو لونا من ألوان المنافقين إلا وكشفتهم ، ومن ثم سميت بعشرة أسماء ، منها : الكاشفة والفاضحة للمنافقين وغير ذلك ، بل ورد فيها أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمجاهدة المنافقين على حد مجاهدة الكفار سواء.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٨٩.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١١٧.