وٱخشوني في ما أمرتكم به ونهيتكم عنه ، فخذوا بما أمرتكم به ، وذروا ما نهيتكم عنه ولو كره المشركون .
وفي هذا السياق نفسه جاء قوله تعالىٰ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، أي بتعيين من يهيمن علىٰ الدين بعد خاتم النبيّين والمرسلين ، فيقوم مقامه في حفظ بيضته ، ونشر دعوته ، وقطع دابر من يبتغي السوء به . .
( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) باختيار عليٍّ لهذه المهمّة ، فإنّه القوي الأمين ، الذي لا تأخذه في حفظ الدين وأهله لومة لائم ، ولا سطوة معتدٍ غاشم . .
( وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) قيّماً حكيماً بأُصوله وفروعه ، جامعاً مانعاً ، عزيزاً بعزّة قَوّامه وإمامه بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يطمع فيه طامع ، ولا يرمقه من أعدائه إلّا بصرٌ خاشع .
وبعبارة أُخرىٰ : لا ريب في أنّ الكلام البليغ يدخله الاستطراد والاعتراض ، أعني تخلّل الجمل الأجنبية بين كلامه المتناسق ، فيزده ذلك بلاغةً إلىٰ بلاغته ، كما نصّ عليه الأئمّة من علماء البلاغة ، وٱستشهدوا عليه بكثير من الآيات المحكمة والسنن الصحيحة وكلام العرب في الجاهلية ، والتفصيل في باب الإيجاز والإطناب والمساواة من علم المعاني (١) .
وعليه : فإنّ قوله تعالىٰ : ( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ ) قد دخل في هذه الآية علىٰ سبيل الاعتراض ، كما صرّح به الزمخشري في
__________________
(١) الإيجاز : أداء المقصود بأقلّ من عبارة المتعارف ، والإطناب : أداؤه بأكثر منها ، والمساواة : هي ألّا يزيد اللفظ علىٰ المعنىٰ فتكون وسطاً بين الإيجاز والإطناب .
ٱنظر مثلاً : المطوّل : ٢٨٢ وما بعدها .