[ لِمَ لَمْ يصرّح القرآن بخلافة الإمام عليّ ؟ ! ]
ثمّ سألتني فقلت : لماذا لم يصرّح القرآن المبين تصريحاً واضحاً بخلافة أمير المؤمنين ، بحيث لا يُبقي مجالاً للتأويل ، فتنقطع الخصومة والمنازعة في الإمامة بسبب ذلك من غير حاجة إلىٰ التماس الأحاديث لإثبات إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ؟ !
والجواب يحتاج إلىٰ تمهيد مقدّمة ، لها أثرها في تقريبه إلىٰ الأذهان ، نقتبسها من ( فصولنا المهمّة ) و ( مراجعاتنا الأزهرية ) (١) .
ومجمل القول فيها : إنّ العرب عامّة ، وقريشاً خاصّة ، كانت ترىٰ أنّ أمير المؤمنين وترها وسفك دماءها بسيفه ، وكشف القناع منابذاً لها ، حيث جاهدها في سبيل الله ، وقهرها في إعلاء كلمة الله ، وقام علىٰ ساقه في نصرة الله ورسوله حتّىٰ جاء الحقّ وزهق الباطل علىٰ رغم كلّ عاتٍ كفور من طغاة العرب وطَغامهم (٢) .
وقد عصبوا به كلّ دم أراقه الإسلام علىٰ عهد النبوّة ، سواءً كان بسيف أمير المؤمنين أم بسيف غيره .
جروا في ذلك علىٰ عاداتهم في أخذ ثاراتهم ، إذ كانوا يعصبون دماءهم بالزعيم نفسه ، فإذا فاتهم الزعيم عصبوها بأمثل عشيرته وأفضل أهل بيته ، وعليٌّ كان عندهم وعند غيرهم أمثل الهاشميّين
__________________
(١) ٱنظر : الفصول المهمّة : ١٣٥ ، المراجعات : ٤٤٨ مراجعة ٨٤ .
(٢) الطَغامُ ـ الواحد والجمع في ذلك سواء ـ : أراذل الناس وأوغادهم ؛ ٱنظر : لسان العرب ٨ / ١٦٩ مادّة « طغم » .