برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأفضلهم من بعده ، لا يدافع ولا ينازع في ذلك أبداً ، فهو الذي يجب عندهم أن تُعصب به تلك الدماء بأجمعها ، ولذا عصبوها به !
فتربّصوا به الدوائر ، وقلّبوا له الأُمور ، وأضمروا له ولذرّيّته كلّ سوء ، ووثبوا عليهم في كلّ جيل من أجيال هذه الأُمّة العربية كلّ وثبة ، وكان ما كان ممّا طار في الأجواء ، وطبّقت فجائعه وفظائعه الأرض والسماء .
علىٰ إنّ العرب عامّة ، وقريشاً بالخصوص ، كانوا ينقمون من عليٍّ شدّة وطأته ، ونكال وقعته ، إذ كان شديد الوطأة علىٰ أعداء الله ، عظيم الوقيعة في مَن يهتك حرمات الله ، كما قالت سيّدة نساء العالمين في خطبة لها عليهاالسلام : « وما الذي نقموا من أبي الحسن ؟ ! نقموا والله نكيرَ سيفه ، وشدةَ وطأته ، ونكالَ وقعته ، وتنمُّرَه في ذات الله » (١) .
ومن المعلوم أنّ العرب كانوا يرهبون من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، ويخشون عدله في الرعية ، ومساواته بين أفراد البرية ، ولم يكن لأحد فيه مطمع ، ولا لأحد عنده هوادة ، فالناس عنده في حقوقهم سواء ، القوي العزيز عنده ضعيف ذليل حتّىٰ يأخذ الحقّ منه لصاحبه ، والضعيف الذليل عنده قوي عزيز حتّىٰ يأخذ له بحقّه (٢) ، و ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) (٣) . .
فمتىٰ يرضيهم هذا العدل ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٥٥ .
(٢) ٱنظر : نهج البلاغة : ٨٠ رقم ٣٧ .
(٣) سورة التوبة ٩ : ٩٧ .