لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ) (١) ، وفيها بطانة لا يألونه خبالاً (٢) ؟ !
فهل يألفون الوصي ، أو يرِدون منهله الروي ؟ !
كلّا ، بل اتّفقوا علىٰ جحوده ، وأجمعوا علىٰ مكاشفته بكلّ صراحة !
وكانوا يحسدونه علىٰ ما آتاه الله من فضله (٣) ، حيث بلغ ـ في علمه وعمله ونصحه وإخلاصه وحسن بلائه ـ رتبة عند الله ورسوله تقاصرت عنها الأقران ، ونال من الله ورسوله ـ بخصائصه من سوابقه ولواحقه ـ منزلة قد انقطعت دونها المطامع .
وبذلك دبّت عقارب الحسد له في قلوب المتنافسين من الزعماء وكبار القوم ، فاجتمعوا علىٰ نقض عهده مهما كلّفهم الأمر ، ومهما قاسوه من شدّة وعناء .
وكان العرب قد تشوّفوا (٤) إلىٰ تداول الخلافة في قبائلهم ، فأمضوا نيّاتهم علىٰ ذلك ، وشحذوا عزائمهم للقيام به ، فتبايعوا علىٰ صرف الخلافة ـ بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن بني هاشم ، مخافة أن لا تخرج عنهم إذا كان الخليفة الأوّل منهم .
وتصافقوا علىٰ جعلها من أوّل مرة بالاختيار والانتخاب ؛ ليكون لكلّ
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠١ .
(٢) مقتبس من قوله عزّ وجلّ : ( لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) سورة آل عمران ٣ : ١١٨ ، والخَبال : الفساد ، أي فيها جماعة لا تُقصِّر في إفساد أمره ؛ ٱنظر : لسان العرب ٤ / ١٩ مادّة « خبل » .
(٣) إشارة إلىٰ قوله تعالىٰ : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) سورة النساء ٤ : ٥٤ ، المفسَّرة به وذرّيّته المعصومين عليهمالسلام .
(٤) اشتاف يشتاف اشتيافاً : إذا تطاول ونظر ، وتشوّفت إلىٰ الشيء : أي تطلّعت .
ٱنظر : لسان العرب ٧ / ٢٣٨ مادّة « شوف » .