يعملون !
لهذا رأوا أنّ الصبر عن الوثبة أحجىٰ ، فأجمعوا علىٰ تأجيلها إلىٰ وقتها بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وهكذا كان الأمر ، وأوحىٰ الله عزّ وجلّ إلىٰ نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بما يضمرون ، وأطلعه علىٰ ما سيكون (١) .
لكنّ الدين لا بُدّ من إكماله ، والنعمة لا بُدّ من إتمامها ، والرسالة لا بُدّ من أدائها . . ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٢) . . ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) (٣) .
نعم ، عهد لوصيّه وخليفته من بعده ، أن يتغمّدهم ـ حين يعارضونه ـ بسعة ذرعه ، ويتلقّاهم بطول أناته ، وأمره أن يصبر علىٰ استئثارهم بحقّه ، وأن يتلقّىٰ تلك المحنة بكظم الغيظ والاحتساب ، احتياطاً علىٰ الإسلام ، وإيثاراً للصالح العامّ .
وأمر الأُمّة بالصبر علىٰ تلك الملمّة ، كما فصّلناه في كتاب « المراجعات » (٤) .
وحسبك ممّا صحّ من أوامره بذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث حذيفة ابن اليمان (٥) : « يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنّون
__________________
(١) ٱنظر : الخصال ٤ / ٤٩٩ ، الاحتجاج ١ / ١٢٧ ـ ١٣٢ ، مجمع البيان ٥ / ٨٤ .
(٢) سورة الأنفال ٨ : ٤٢ .
(٣) سورة العنكبوت ٢٩ : ١٨ .
(٤) المراجعات : ٤٣٧ المراجعة ٨٢ .
(٥)
في ما أخرجه مسلم ص ١٢٠ من الجزء الثاني من صحيحه ، ورواه أصحاب