رابع سورة نزلت علىٰ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوائل البعثة الشريفة في مكّة المكرّمة ، وأعلن وجودها في صفوف الثلّة الأُولىٰ التي أسلمت . .
قال تعالىٰ : ( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ ) (١) .
فإنّ الآيات تبيّن أنّ المخاطب بعدّة الملائكة الموكّلين بالنار علىٰ أربعة أقسام ؛ الأوّل : « الّذين آمنوا » ، والثاني : « الّذين أُوتوا الكتاب » ، والثالث : « الّذين في قلوبهم مرض » ، والرابع : « الكافرون » ، وتخبر أنّ الذي سيحصل له الإيمان هما القسمان الأوّلان ، أمّا القسمان الآخران فسيحصل لديهما الارتياب .
ومن الواضح أنّ المرض الذي في القلب نحوٌ من النفاق الخفيّ جدّاً ، أي الذي لا يظهر علىٰ صاحبه ، بل يبطنه في قلبه وخفاء أعماله ، وقد ذكرنا أنّ الآيات القرآنية تتابع هذه الفئة والجماعة في كثير من السور ، تحت هذا العنوان وبهذا الاسم إلىٰ آخر حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ونزول القرآن . .
والآيات هنا من سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم تبيّن أنّ غرض هذه الفئة هو تولّي الأُمور والأخذ بزمامها ، وأنّ ذلك الغرض هو وراء انضمامها إلىٰ صفوف المسلمين الأوائل ؛ إذ إنّ خبر ظفر النبيّ المبعوث صلىاللهعليهوآلهوسلم كان
__________________
(١) سورة المدّثّر ٧٤ : ٣٠ و ٣١ .