أهل التشريف وعارية يوم القيامة .
كما قد أُشير في أحاديث نبويّة أُخرىٰ إلىٰ هذه الأوضاع ، نظير ما رواه البخاري ومسلم في كتاب الفتن عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها » (١) .
ثمّ إنّ هذا غيض من فيض ، ولو أراد الباحث استقصاء حوادث الفتوحات والممارسات التي حدثت ، لتوفّر لديه مجلّداً ضخماً في ذلك ، إن لم يكن مجلّدات .
الثالثة : إنّ الأجواء السائدة لدىٰ المسلمين في عهود الفتوحات الأُولىٰ ، وما كان لديهم من حماس ديني ملتهب ، ومن قوّة نظر وإشراف في مراقبة الحكم والحاكم ، بجانب عوامل أُخرىٰ ـ نتعرّض لها كلّها ـ من إعداد وصنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كانت سبب النصر والظفر والفتوحات .
وبعبارة أُخرىٰ : الخطّة المرسومة من القرآن الكريم والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للمسلمين ولوظيفة الحكم من بعده ، سواء علىٰ صعيد التقنين ، أو علىٰ صعيد البناء الروحي للمسلمين ، أو علىٰ صعيد البناء العسكري والقوّة الضاربة ، أو علىٰ صعيد الوحدة الاجتماعية المترابطة ، أو علىٰ صعيد بناء الدولة وأجهزة الحكم ؛ كانت تملي القيام بالجهاد وفتح البلدان .
هذا كلّه بالإضافة إلىٰ البريق النيّر الذي أوجده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الدين الإسلامي في أسماع الملل والأقوام المختلفة ، من العدالة وكرائم الخلق في القانون والتنفيذ ، ونشدة الحقّ والنصفة . .
فإنّ نظرة تحليلية في الأُصول الاجتماعية والسياسية والقانونية التي
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ٨٤ ح ٤ كتاب الفتن ب ٢ .