كانت العرب تعيشها قبل البعثة النبويّة الشريفة مقارنة بالنظام الاجتماعي والسياسي والروحي والقانوني الذي بناه وأسّسه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذه النظرة والمقارنة كفيلة لفهم أنّ القيادة في الفتوحات بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تكن تلعب ذلك الدور الخطير المؤثّر في الوصول إلىٰ نتائج الفتوحات ، سواء القيادة السياسية ، أو القيادة العسكرية .
ويستطيع القارئ أن يلمس ذلك من بعض النصوص التاريخية أو الروائية التي ذكرناها آنفاً ، فضلاً عمّا لو تتبّع وٱستقصىٰ ذلك بنفسه من خلال كتب السير والتاريخ والحديث ؛ فإنّ سرّ الفوز بتلك النتائج يكمن في عظمة النظام الذي بنىٰ صرحه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ الأصعدة المختلفة .
وقد أشار إلىٰ ذلك عدّة من الباحثين في حقل العلوم الإسلاميّة أو العلوم الإنسانية ، ولنضرب الأمثلة لنماذج تلك العوامل المزبورة :
* فأمّا رقابة المسلمين الشديدة علىٰ الحكم والحاكم ، التي ربّاهم عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومحاسبتهم لكلّ صغيرة وكبيرة ، وأنّ الظروف المحيطة بالحاكم والحكم ما كانت تسمح له بتغيير كلّ معالم النظام السياسي والاجتماعي والمعنوي الذي شيّده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فمن أمثلة ذلك :
قول عمر بن الخطّاب لابن عبّاس : لو وليها عثمان لحمل بني أبي معيط علىٰ رقاب الناس ، ولو فعلها لقتلوه (١) .
وفي نقل آخر عنه : لو ولّيتها عثمان لحمل آل أبي معيط علىٰ رقاب الناس ، والله لو فعلت لفعل ، ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتّىٰ يجزّوا رأسه (٢) . .
__________________
(١) أنساب الأشراف ٥ / ١٦ .
(٢) ذكره القاضي أبو يوسف في الآثار : ٢١٧ .