وإنّ للعبّاسِ عندَ اللهِ تبارك وتعالى منزلةً يغبطُهُ بِها جميعُ الشُهداء يومَ القيامةِ» (١).
إنّ ما يحتويه هذا النصُّ من كلمات الثناء والتمجيد لِمواقِفِ العَبّاسِ واضحةٌ صريحةٌ ، ونقرأُ وراءَها دلالاتٍ عميقةٍ :
فتذكيرُ الإمام السجّاد عليه السلام بأيّام الرسول صلى الله عليه وآله وغزواته ، وما جرى فيها عليه من الشدائد بِقَتل أهلِ بيتهِ في أُحُدٍ ومُؤتَةَ ، تدلُّ على المُقارَنةِ بينَ تلكَ الأيّامِ ، وبين يومِ الحُسين عليه السلام وفي ذلك :
١ ـ التوحيد بين الأهدافِ في الأيّامِ كلّها ، بِفارقِ أنّ القائدَ هُناكَ هُو رسول الله ، وهُنا هو ابنُه الحُسين الّذي نَصَّ على أنّهُ «مِنْهُ» في حديث : «حُسينٌ مِنّي وأنا من حُسينٍ أَحَبَّ اللهُ مَن أَحَبَّ حُسيناً» (٢).
وبهذا حدّد الرسولُ صلى الله عليه وآله المسيرَ والمصيرَ ، بأنّ حركة الحسين عليه السلام هي استمرارٌ لحركة الرسول صلى الله عليه وآله.
وعلى ذلك فإنّ المقارنة تقعُ بين أصحاب الرسول في تلك الأيّام ، والأصحاب في يوم الحسين عليه السلام. وتخصّص المقارنة بين الشهداء في أيّام الرسول من أقاربه وأهل بيته ، والشهداء في يوم الحسين من أهل بيته.
__________________
(١) الأمالي للصدوق (ص ٧ ـ ٥٤٨) وهو آخر حديث في المجلس (٧٠) تسلسل (٧٣١) ورواه في كتابه الخصال (ص ٦٨ رقم ١٠١) بالسند ، من قوله : «رحم الله العَبّاس ...» إلى آخره وقال : والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وقد أخرجته بتمامه مع ما رويته في فضائل العَبّاس بن علي عليهما السلام في كتاب (مقتل الحسين بن عليّ عليهما السلام).
(٢) وقد شرحنا الحديث في كتابنا (الحسين عليه السلام سماته وسيرته) الفقرة (١١).