فكذلك الحُسينُ عليه السلام اتِّباعاً لسيرةِ جدّهِ وأبيهِ قَدَّمَ أمامَ المُواجهاتِ الرَهيبةِ ، أَعَزَّ مَن كانَ معهُ من أهلِ بيتهِ ، فلا بُدّ أنْ تعدّ معركةُ كربلاء من مُعجزات الحسين صلى الله عليه وآله.
٥ ـ ثمّ إنّ المفارقةَ المؤلِمَةَ بين تلك الأيّام ـ أيّام الرسول ـ وبين يوم الحسين : أنّ المُواجهةَ في أيّام الرسول صلى الله عليه وآله كانت بين الكُفّار ؛ وبين المُسلمين ، والحُدودُ والأهدافُ كانت مُتمايِزةً ومعروفةً وواضحةً. لكنّها في يوم الحسين عليه السلام كانت بين الحسينِ سِبطِ رسول الله وأصحابِه من جِهَةٍ ، وبينَ شرذمةٍ مِمّن يَدَّعُون الانتِماءِ إلى دينِ جدِّهِ الرسول ، ويعتبرُونَ أنفسَهم مسلمين ومن أُمّتِهِ! ، لكنّهم جاءُوا : (يَتَقَرَّبُون إلى الله بِسفكِ دَمِ سبطهِ وريحانته الحُسين).
إنّها من أصعبِ المواقِفِ وأحرجِها ، حيثُ صارت الحقيقةُ خافيةً على الأُمّةِ إلى هذهِ الدرجةِ ، ولمّا يَمْضِ على وفاةِ رسول الله نصفُ قرنٍ (خمسون سَنَةً) فقط!!!
فما أضلَّها من أُمّةٍ؟! وما أكثرها من خسارة أن تضيع تلك الجهود الغالية ، في سبيل هداية الأمّة!.
وما أقبحَها من رِدّةٍ على الأعقابِ!؟
وما أسرعَه من نقض للعهد!!؟؟
وما أعظمَ مقامَ مَن وَقَفَ مَعَ الحَقّ ، وجاهَدَ في سبيلهِ! في مثل ذلك الجهلِ والعَمى المُطبق!