وقد ذكر الإمام السجاد عمه أبا الفضل في حديث آخر :
أورده الشيخ الصدوق (١) ، قال : حدّثنا المظفّر بن جعفر [بن المظفّر] ابن العلويّ السّمر قنديّ : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشيّ ، عن أبيه ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن خالد الطّيالسيّ ، قال : حدّثني أبي ، عن محمّد بن زياد ، عن الأزديّ ، عن حمزة بن حُمران ، عن أبيه حُمران ابن أعين ، عن أبي جعفر ؛ محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام قال :
كان عليُّ بنُ الحسين عليهما السلام يُصلِّي في اليوم والليلة أَلْفَ رَكعة [...].
ولَقَدْ كانَ بَكى على أَبيهِ الحُسين عليه السلام عِشرينَ سنةً ، وما وُضِعَ بَينَ يَديهِ طعامٌ إلاّ بَكى ، حتّى قال له مَولىً لهُ : يا ابنَ رَسُول الله! أَمَا آنَ لِحُزْنِكَ أنْ يَنْقَضِيَ؟! فقالَ له : وَيْحَكَ إنّ يَعقُوبَ النّبيَّ عليه السلام كانَ لهُ اثنا عَشَر ابْناً ، فغَيّبَ اللهُ عنهُ واحِداً منهم ، فابْيَضَّتْ عَيْناهُ من كَثْرةِ بُكائِهِ عليهِ ، وشابَ رَأسُهُ من الحُزْنِ ، واحْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ من كَثْرةِ بُكائِهِ عليهِ ، وشابَ رَأسُهُ من الحُزْنِ ، واحْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ من الغَمِّ ، وكان ابْنُهُ حَيّاً في الدُنْيا ؛ وأنَا نَظَرْتُ إلى أَبِي ، وأَخِي ، وعَمِّي ، وسَبعة عَشَرَ من أَهل بَيْتِي : مَقْتُولِين حَوْلِي!!! فَكيفَ يَنْقَضِي حُزْني؟؟؟ (٢).
والمراد بقوله : «عمّي» هو العباس عليه السلام. فمِن هُنا كانت كلمة : «لا يومَ كيومِ أبي عَبْد الله الحُسين» أصدقَ. وكان مقامُ شُهداء كربلاء أشرفَ. وكانَ مقامُ العَبّاسِ يومَ القيامة بحيثُ «يغبِطُهُ جميعُ الشُهداء» بِلا استثناءٍ.
__________________
(١) الخصال للشيخ الصدوق (ص ٥١٧ ـ ٥١٩) باب «ثلاث وعشرين» من الخصال المحمودة.
(٢) الخصال ، للشيخ الصدوق (٢ / ٦١٥ ـ ٥١٨) ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (٤ / ١٨٠) وراجع : حلية الأولياء لأبي نعيم (٣ / ١٣٣ ـ ١٤٥) (١٣٨) والبحار (٤٦ / ٣٦).