أوّلاً : الجهادُ في سبيل الحقّ
لا ريبَ أنّ العَبّاس عليه السلام مع صلته بالحسين عليه السلام نَسَبيّاً ؛ فهو أخُوهُ من أبيه ، ومعرفتُه بهِ سِبطاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وابناً للزهراء البتول عليها السلام.
وكلّ أَمرٍ من هذه يكفي حافِزاً لهُ على أداء ما يجبُ تجاهَ أخيه أبي عَبْد الله عليه السلام والأولى من بين ذلك كلّه اعترافُهُ بكونِ الحسين إماماً منصوباً من قبل الله والرسول المصطفى ، وأبيه المرتضى ، تجبُ على كلّ مسلمٍ طاعتُهُ المُطلقةُ ، ولم يكن العَبّاس عليه السلام ـ وهو في مقامه من المعرفة والإيمان والدين من هو ـ ليَتَخَلَّفُ عن ذلك أبداً.
وليس في الإقدام على الجهاد والقتل وبذل الدم والتضحية بالنفس ، مؤاربةٌ في منطق الدين ، فلا يُقبل إلاّ أن يكون في سبيل الله والعقيدة الحقّة ، والعَبّاس عليه السلام على معرفة تامّة بمثل هذا.
ومع ذلك ، فإنّ العَبّاس عليه السلام ـ وهو في محضر الإمام ـ يُريدُ أن يكون على بيّنةٍ تامّة من أمره ، كما يُريدُ أن يُعلنَ للتاريخ أنّه إنّما يخطُو على هذه السيرة ويرنُو إلى هذا الهدف ، ويعمل لأجل تحقيق هذه المعاني ، فهو يسألُ أخاهُ ـ قبلَ أن تلتحِمَ المعركةُ ـ : يا أبا عَبْد الله ، نحنُ على الحقّ ، فنقاتلُ؟ قال : «نعم» (١).
__________________
(١) الإمامة والسياسة (٢ / ٦ ـ ٧).