إنّها الطريقهُ المُثلى لمن يحتاطُ لدينه ، ولا يتصرّف حسبَ رغباتهِ ولم يُقدِم في تصرّفاته على أساس من العصبيّة العِرقيّة والعُنصريّة والقَبَليّة ، بل إنّما اتّبع ما هو الحقّ الإلهيّ الّذي هو مُنتهى غاية المؤمنين.
وهذه أولى خُطوةٍ وضعها العَبّاس عليه السلام على أرض الجهاد في كربلاء لتكون قَدَمُهُ ثابتةً على الإيمان الصادق بحقّ اليقين ، المُبتني على علم اليقين ، للبُلُوغ إلى عين اليقين ، وهو لِقاءُ الله بين يَدَيْ وليّ الله.
وثانياً : إعلان الوفاء :
لمّا اندحَرَ جيشُ الكوفة ، مساءَ يوم التاسع ، وابتعدُوا عن مخيّم الحسين عليه السلام وغشي الظلامُ فضاءَ المقام ، عند قُرب المساء ليلةَ عاشوراء ؛ جمع الإمامُ عليه السلام أصحابه ـ والحديث من هنا لولده علي زين العابدين ـ قال : فدنوتُ منه لأسمع ما يقول لهم ، وأنا إذْ ذاك مريضٌ ، فسمعتُ ابي يقولُ لأصحابه :
أُثْني على اللهِ أحسنَ الثناء ، وأحمدهُ على السرّاء والضرّاء ، الّلهمّ إنّي أحمدُكَ على أنْ أكْرَمْتَنا بِالنُبُوّة ، وعلّمْتَنا القُرآنَ ، وفَقَّهْتَنا في الدين ، وجعلتَ لَنا أَسْماعاً وأَبْصاراً وأَفْئِدةً ، فاجْعَلْنا من الشاكرين.
أمّا بعدُ ، فإنّي لا أَعْلَمُ أَصْحاباً أَوْفى ولا خَيْراً من أَصْحابي ، ولا أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ ولا أَوْصَلَ من أَهل بَيتي ، فَجَزاكُمُ اللهُ مِنّي خَيراً.
أَلا ، وإنّي لأَظُنُّ أّنَّهُ آخِرَ يومٍ لَنا مِن هؤلاء.
أَلا ، وإنّي قد أَذِنْتُ لكُم ، فانْطَلِقُوا جَميعاً في حِلٍّ ، لَيْسَ عليكمُم مِنّي