وفي رواية ابن أعثم الكوفيّ : وأقبل شَمِرُ بن ذي الجوشن حتّى وقف على معسكر الحُسين عليه السلام فنادى بأعلى صوته أين بنو أُختنا : عَبْد الله ، وجعفر ، والعَبّاس ؛ بنو عليّ ابن أبي طالب؟ فقال الحسين لإخوته : أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنّه من أخوالكم! فنادوه : ما شأنُك؟ وما تُريد؟
فقال : يا بني أُختي ، أنتم ىمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، والزموا طاعةَ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ يزيدَ بن مُعاوية.
فقال له العَبّاس بن عليّ رضي الله عنه : تبّاً لَكَ يا شَمِر ، لَعَنَكَ اللهُ ، ولَعَنَ ما جِئتَ بهِ من أمانِكَ هذا ، يا عدوَّ الله! أتأمُرُنا أنْ ندخُلَ في طاعة العُتاة ، ونَتْرُكَ نُصرةَ أخِينا الحُسين؟!.
قال : فرجَعَ الشمر إلى معسكرهِ مُغْتاظاً (١).
ونجدُ هنا أنّ المتكلّمَ في جواب شَمِرٍ هو العَبّاسُ عليه السلام وقد جاء في رواية الشَجَريّ الزيديّ أنّ المُخاطب كان هو العَبّاسُ أيضاً ، فقد روي بالسند إلى ابن الكلبي ، قال : صاحَ شَمِرُ بن ذي الجوشن ، يومَ واقَعوا الحُسين عليه السلام : أيا عبّاسُ ـ يعني العَبّاس بن عليّ عليهما السلام ـ أُخرجْ إليَّ أُكلّمْك!
فاستأذن الحُسينَ ، فأذِنَ لَهُ ؛ فقال له : ما لَكَ؟
قال : هذا أمانٌ لَكَ ، ولإخْوَتِكَ من أُمّك ، أَخَذْتُهُ لَكَ من الأمير ـ يعني ابن زياد ـ لِمكانِكم مِنّي ، لأنّي أحدُ أخوالِكم ، فاخْرُجُوا آمِنينَ.
فقال له العَبّاس : لَعَنَكَ اللهُ ، ولَعَنَ أمانَكَ ، واللهِ ، إنّك تطلُبُ لَنا الأمانَ أنْ
__________________
(١) الفتوح لابن أعثم (٥ / ٨ ـ ١٦٩) وانظر الكامل لابن الأثير (٤ / ٥٦).