وفي هذه الوصيّة الدلالة الوافية على ما لأبي طالب من مقام رفيع في الإيمان والحكمة والمعرفة والنصيحة لأُمّته ، بما يرفعه إلى مقام الحكماء الإلهيين ، فكلامه مستلهم من وصايا الأنبياء والأوصياء سلام الله عليهم أجمعين.
وقال السَّيِّدُ الناسبُ ابنُ عِنَبة : كان أبو طالب مع شَرَفه وتقدُّمه ـ جمَّ المناقب ، غَزير الفضل ، ومن أعظم مناقبه كفالته لرسول الله صلى الله عليه وآله وقيامه دونه ، ومنعه إيّاه من كفّار قريشٍ حتّى حصروه في الشعب ثلاث سنين.
ومن مناقِبهِ أنّه استسقى بعد وفاة أبيه عَبْد المطّلب ؛ فسُقِيَ (١).
وقال الزبير : هو كافل رسول الله وحاميه من قريش وناصره ، والرفيق به والشفيق عليه ، ووصيّ عَبْد المطّلب فيه : فكان سيّد بني هاشم في زمانه ، ولم يكن أحد في قريش يسود في الجاهلية بغير مالٍ إلاّ أبو طالب وعتبة بن ربيعة.
وقال : وأبو طالب أوّلُ من سَنَّ القُسامة في الجاهلية ، ثمّ أثبتتها السنّة في الإسلام ، وكانت السقايةُ في الجاهلية بيد أبي طالب ، ثمّ سلّمها إلى أخيه العَبّاس (٢).
وقال الديار بكري : كان عبْد المطّلب بعد هاشم يلي الرفادة ، فلمّا تُوُفِّيَ قامَ بذلك أبو طالب في كلّ موسم حتّى جاء الإسلامُ وهو على ذلك
__________________
(١) عمدة الطالب (ص ٦ ـ ٧).
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد (١٥ / ٢١٩).