ولم أحاول التعرّضَ لما لم أجدْ له مصدراً ؛ لالتزامي بأنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، خُصوصاً بعد وُقوفنا ـ في بعض المخطوط من تراثنا العظيم ـ على الكثير ممّا لم نقف عليه من قبلُ.
ولعلّ الكثير من الحقائق الّتي تُنقل شفاها ، ولم نَرَها على صفحات الكتب المتوفّرة ؛ ما تكون مطويّةً في بُطون تلك المخطوطات المخزونة في الأسفاط ورفوف المكتبات ، وهي تنتظر من يخلّصها.
الثاني : لقد ركّزتُ في بحثي على الحديث عن (سمات العباس عليه السلام وسيرته) بعد إيراد ما هو ضروريّ عن (هُويّته الشخصيّة) ولم أدخل في ما سوى ذلك إلاّ لُماما أو بمناسبةٍ مقتضيةٍ ، هادفاً من ذلك أداء ما قصدتهُ بنحوٍ مستوعبٍ حَسَبَ ما أُتيحَ لي من الظروف.
وقد سرتُ على ما سَبَقَ في كتاب : (الحسين عليه السلام سماتُهُ وسيرَتُهُ) من وضعي ما استندتُ إليه من النصوص في إطارٍ خاصٍّ ، بمعنى : سبقه بما يلزمُ من الأسباب لصُدُوره أوّلاً ، وإلحاقه بما يدلُّ عليه ويتبعه من النتائج ، مورداً للنصّ ـ بعد توثيقه وتحقيقه ـ بين السابق واللاحق ، محفوفاً بهما ، ليتمّ بذلك للمراجع الوقوفُ على مغزى النصّ ومؤدّاهُ الّذي أرادهُ الناصُّ به وقائلُه ، بكُلّ ما له دخلٌ في فهمه.
وهذا المنهج في قراءة التاريخ والسِيَر هُوَ الّذي يُضفي عليه روعةَ التأثير في نُفُوس المُراجع ، ويُحقّق ما يُتوقّع من الاعتبار بِما فيه من العِبَر ؛ لأنّه يكشف عن ما وراء السطور من الأهداف والمراد لأصحاب النصوص تلك.