نعم فقد أثبتوا علما وعالما ومعلوما وإن قالوا : لا نعلم أنه لا علم قيل لم حكمتم بأن لا علم وأنتم لا تعلمون أنه لا علم له.
ـ والفرقة الثانية منهم : أهل شك قالوا : لا نعلم هل للأشياء والعلوم حقائق أم لا حقائق. وهؤلاء إن شكّوا في وجود أنفسهم لحقوا بالفرقة الأولى منهم وإن علموا وجود أنفسهم فقد أثبتوا بعض الحقائق.
ـ والفرقة الثالثة منهم : قالوا للأشياء حقائق تابعة للاعتقادات وزعموا أن كل من اعتقد شيئا فمعتقده على ما اعتقده وهؤلاء يلزمهم أن يكون العالم قديما محدثا لأن قوما اعتقدوا حدوثه وآخرين اعتقدوا قدمه ويلزمهم أن يكون قولهم باطلا لاعتقادنا بطلان قولهم إن كانت الاعتقادات كلها صحيحة بزعمهم. ويسألون عن اعتقاد المعاندين من السوفسطائية فإن زعموا أن اعتقادهم لنفي الحقائق اعتقاد صحيح لحقوا بهم وإن أبطلوا اعتقادهم نقضوا قولهم بتصحيح الاعتقادات كلها.
المسألة الثالثة من هذا الأصل الأول
في أن العلوم معان [قائمة بالعلماء]
والخلاف في هذه المسألة مع نفاة الأعراض من الدهرية ومع الأصمّ من جملة القدرية فإنه وافق الأعراض في نفي الأعراض. وهؤلاء كلّهم ينفون العلم ويثبتون كلّ عالم بلا علم وكلّ متحرك ومتلون متحركا ومتلونا بلا حركة ولا لون. ودليلنا عليهم أنّا وجدنا العالم منّا عالما مرة وغير عالم مرة ولا يجوز أن يكون عالما بنفسه لوجود نفسه في أحوال لا يكون فيها عالما فوجب لذلك أن يكون إنما صار عالما لمعنى سواه وذلك المعنى هو المراد بقولنا علم فمن أثبته ونازعنا في اسمه فالخلاف معه في العبارة. فبهذا الدليل أثبتنا سائر الأعراض.
المسألة الرابعة من الأصل الأول
في بيان أقسام العلوم وأسمائها
العلوم عندنا قسمان : أحدهما علم الله تعالى وهو علم قديم ليس بضروري