والحاسة الثانية : حاسة السمع ويدرك بها الكلام والأصوات كلها.
والثالثة : حاسة الذوق ويدرك بها الطعوم.
والرابعة : حاسة الشمّ ويدرك بها الروائح.
والخامسة : حاسة اللمس ويدرك بها الجسم والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة واللين والخشونة. وادّعى قوم أن الذوق من جملة حاسة اللمس. وزاد النظّام حاسة أخرى يدرك بها لذة النكاح وقوله في هذا كقول من يدعي حاسة سابعة يدرك بها الم الضرب والجراح (١).
واختلف أصحابنا في الفاضل من العلوم الحسية والنظرية : فقدّم أبو العباس القلانسي العلوم النظرية على الحسية وقدّم أبو الحسن الأشعري العلوم الحسية على العلوم النظرية لأنها أصول لها. واختلفوا في الفاضل من حاسّتي السمع والبصر : فزعمت الفلاسفة أن السمع أفضل من البصر لأنه يدرك بالسمع من الجهات الست وفي الضوء والظلمة ولا يدرك بالبصر عندهم إلا من جهة المقابلة وبواسطة من ضياء شعاع. وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع لأن السمع لا يدرك به إلا الصوت والكلام والبصر يدرك به الأجسام والألوان والهيئات كلها. ويجوز عندنا إدراك جميع الموجودات بالبصر وأجاز أصحابنا الإدراك بالبصر من الجهات الست كما نثبته بعد هذا إن شاء الله تعالى
المسألة السادسة من هذا الأصل الأول
في إثبات العلوم النظرية
والخلاف في هذه المسألة مع السّمنيّة الذين زعموا أنه لا يعلم شيء إلا من طريق الحواس الخمس وأبطلوا العلوم النظرية وزعموا أن المذاهب كلها باطلة ، ويلزمهم على هذا القول إبطال مذهبهم لأن القول بإبطال المذهب مذهب. وقلنا لهم : بما ذا عرفتم صحة مذهبكم؟ فإن قالوا : بالنظر والاستدلال لزمهم إثبات النظر
__________________
(١) [وكلا القولين فاسد.].