وإن هذا الخبر كذب منه والكاذب إذا أخبر عن نفسه بأنه كاذب كان صادقا فصار هذا الخبر الواحد صدقا وكذبا وفاعله واحد. وفيه دليل على إبطال قول الثنويّة إنّ فاعل الصدق لا يجوز أن يكون فاعلا للكذب.
المسألة التاسعة من الأصل الأول
في بيان أقسام العلوم النظرية
العلوم النظرية على أربعة أقسام :
أحدها : استدلال بالعقل من جهة القياس والنظر.
الثاني : معلوم من جهة التجارب والعادات.
والثالث : معلوم من جهة الشرع.
والرابع : معلوم من جهة الإلهام في بعض الناس أو بعض الحيوانات دون بعض. فأما المعلوم بالنظر والاستدلال من جهة العقول العلم بحدوث العالم وقدم صانعه وتوحيده وصفاته وعدله وحكمته وجواز ورود التكليف منه على عباده وصحة نبوة رسله بالاستدلال عليها بمعجزاتهم ونحو ذلك من المعارف العقلية النظرية. وأما المعلوم بالتجارب والرياضات فكعلم الطبّ في الأدوية والمعالجات وكذلك العلم بالحرف والصناعات ، وقد يقع في هذا النوع ما يستدرك (١) بالقياس على المعتاد غير أن أصولها مأخوذة عن التجارب والعادات. وأما المعلوم بالشرع فكالعلم بالحلال والحرام والواجب والمسنون والمكروه (٢).
وإنما أضيف العلوم الشرعية إلى النظر لأن صحة الشريعة مبنية على صحة النبوة وصحة النبوة معلومة من طريق النظر والاستدلال ولو كانت معلومة بالضرورة من حسّ أو بديهة لما اختلف فيها أهل الحواس والبديهة ولما صار المخالف فيها
__________________
(١) [يستدل]
(٢) (وسائر أحكام الفقه]