فالمتواتر هو الذي يستحيل التواطؤ على وضعه وهو موجب للعلم الضروري بصحة مخبره. وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم يلزمه الحكم بها في الظاهر وإن لم يعلم صدقهم في الشهادة.
وأما المتوسط بين التواتر والآحاد فإنه شارك التواتر في إيجابه للعلم والعمل ويفارقه من حيث أن العلم الواقع عنه يكون مكتسبا والعلم الواقع عن التواتر ضروري غير مكتسب. وهذا النوع المستفيض المتوسط بين التواتر والآحاد على أقسام :
أحدهما : خبر من دلّت المعجزة على صدقه كأخبار الأنبياء عليهمالسلام.
والثاني : خبر من أخبر عن صدقه صاحب معجزة.
والثالث : خبر رواه في الأصل قوم ثقات ثم انتشر بعدهم رواته في الأعصار حتى بلغوا حدّ التواتر (١) كالأخبار في الرؤية والشفاعة والحوض والميزان والرجم والمسح على الخفين وعذاب القبر ونحوه. والقسم الرابع منه : خبر من أخبار الآحاد في كل عصر قد أجمعت الأمّة على الحكم به كالخبر في أن لا وصية لوارث وفي أن لا ينكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها وفي أن السارق لما دون النصاب ومن غير حرز لا يقطع. ولا اعتبار في مثل هذا بخلاف أهل الأهواء من الروافض والقدرية والخوارج والجهمية والنجارية لأن أهل الأهواء لا اعتبار بخلافهم في أحكام الفقه وإن اعتبرنا خلافهم في أبواب علم الكلام (٢).
واعلموا أسعدكم الله أن الخبر في أصله منقسم إلى صدق وكذب. والصدق منه واقع على وفق مخبره والكذب ما كان بخلاف مخبره. وليس في الأخبار ما هو صدق كذب معا إلّا خبر واحد وهو إخبار من لم يكذب قطّ عن نفسه بأنه كاذب
__________________
(١) [وإن كانوا في العصر الأول محصورين ومن هذا الجنس أخبار الرؤية]
(٢) [وكل انواع هذا المستفيض موجب للعمل والعلم المكتسب]