آفاق سورة الرعد
لكلمة الرعد معنى يوحي بالرهبة من خلال التأثير الذي يحدثه في الجو بالتقاء الصوت الداوي بالشرارة الملتهبة التي تملأ الفضاء نورا يوحي بالحريق واللهب ، فيجعل الناس أصابعهم في آذانهم حذر الموت. والرعد في هذه السورة يتحول إلى ظاهرة كونية تسبح الله فيمن يسبّحه ، وتحمده فيمن يحمده ، على ما يحتويه الكون من عجائب وأسرار تنطلق بحمد الله والثناء عليه. وفي هذه الأجواء تمثل السورة جولة رائعة في الكون الذي يحوي الآيات لقوم يعقلون ويوقنون ، بما تفتحه الظواهر الكونية المتنوعة في السماء والأرض من آفاق عقلية ، فتلتقي بالله في أكثر الحقائق وضوحا وإشراقا لتبعث اليقين في قلب الإنسان ، وتمتد به إلى الإيمان بالقرآن والرسول واليوم الآخر ، الأمر الذي يوحي بالفكرة التي يؤكدها القرآن في أكثر من سورة ، بأن دور النبي ليس تغيير الكون بالمعاجز ، بل دوره الإنذار وإثارة العقل والفكر والوجدان.
ثم يوجه الحديث إلى المؤمنين الذين أبصروا وعقلوا واستجابوا لله وحصلوا على المثوبة الكبيرة والأجر العظيم ، وإلى غيرهم ممن اتخذوا من دونه أولياء ، ولم يميزوا بين الحق والباطل. ويقارن بين هؤلاء وأولئك ، فيثير مثل الأعمى والبصير ، والظلمات والنور ، ومثل الزبد الذي يذهب جفاء في مقابل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض ، كدليل على الفرق بين الحق والباطل.