فدلائل الإيمان عند الإنسان ثلاثة ، أوّلها القلب ، ولا يعلم ما في القلب إلاّ الله تعالى ، ثمّ يعلم الإنسانُ ذلك من خلال الدلالتين الأُخريين.
فإنّ الإيمان القلبي يفيض على الدلالتين فيظهران ويوضحان ما في القلب من إيمان ، وذلك من خلال اللسان بالقول ، والأركان (أعضاء جسم الإنسان) بالحركة والسَعَيان.
فإذا كان عملُ الإنسان يوافق قولَه ، صَدقَ عليه الإيمان القلبي ، بقوله وفعله ، ولا يصدُق في قوله إلاّ إذا وافق قوله عمله وعمله قوله.
وبعد أن عرفنا كيف يمكن أن نعرف الإيمان عند الإنسان ، يأتي السؤال : هل كان أبو طالب مؤمناً أم لا؟
وهذا الخلاف الطويل الأمد كيف نضعه من هذا الفهم للإيمان؟ فإذا كان قلب أبي طالب عامراً بالإيمان ، فإنّه يفيض عليه بالإحسان والعمل الصالح ومطابقة الأقوال للأفعال.
وبهذه الصورة نحتاج إلى أن نتعرّف على أقوال وأفعال أبي طالب ، وهي كثيرة ..
فإنّ أقواله ـ نظماً ونثراً ـ توافق أفعاله ، وهذا يشير إلى إيمانه وقوّة عقيدته ، إذ إنّ مطابقة القول الحسن للفعل الأحسن دليل قاطع على ما يكنّه من صلابة في الإيمان.
إذ إنّه عمل قولاً وفعلاً بما كان يعتقده في قلبه ، وهذا أصدق دلائل الإيمان القلبي.
وبهذا نعلم أنّ أبا طالب ـ ووفقاً لهذه النظرة إلى الإيمان ـ كان مؤمناً.
وقد أتت المؤلّفات المفردة عنه بالشواهد على ذلك ، وفيها ما يشفي العليل ويروي الغليل.