وأمّا أبو يحيى عيسى ـ مؤتم الأشبال ـ بن زيد الشهيد : لقّب به لأنّه قتل أسداً ذا أشبال ، وكان في غاية الشجاعة ، وكان حامل راية إبراهيم ابن عبـدالله المحض ـ قتيل «باخمـرى» ـ حين خروجه ، واستخفى بعد قتله.
قيل : مات في زمن المهدي (١) ، وكان بعض أيّام اختفائه يستسقي الماء على جمـل بالأُجـرة لصاحـب الجمل ، وكان قد تزوّج امرأة بالكوفة لا تعرفه فولدت له بنتاً ، وكبرت البنت وكان لمستأجره ولد قد شـبّ ، فأجمـع رأيه أن يزوّج ابنه بابنة عيسـى لِما رأى من صـلاحه وعبادته وهو لا يعرفه إلاّ أجيره السقّاء ، وذكر ذلك لامرأة عيسى فاستبشرت ، وذكرت ذلك لزوجها ولا تعرفه إلاّ السقّاء ، فتحيّر عيسى في أمره ولم يدرِ ما يصنع ، فدعا الله تعالى على ابنته ، فماتت وتخلّص من تلك الورطة ، فلمّا ماتت بكى عليها عيسى وجزع جزعاً شديداً ، فقال له بعض أصحابه : أتبكي على بنـت؟! فقال : والله أبكي لأنّها ماتت ولم تعلم أنّها من ذرّية رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.
مات عيسى بالكوفة مختفياً وله سـتّون سنة (٢) ، وقيل : كانت وفاته سنة سـتّ (٣) وستّين ومئة ، وقيل : كان عمره سـتّاً وأربعين سنة (٤) [٣١ / أ].
أعقب عيسى من أربعة رجال ، وهم : أحمد المختفي ، وزيد ،
___________
(١) وفي المجدي : إنّه مات في الاستتار أيّام الرشيد.
(٢) عمدة الطالب : ٢٨٦.
(٣) والمعروف : تسع. وله ترجمة في مصادر شتّى ، ولاحظ : عمدة الطالب : ٢٨٥ ـ ٢٨٩ ، ومقاتل الطالبيّين : ٣٤٣ ـ ٣٤٩.
(٤) المجدي : ١٨٦.