الطاهرة. وحسبك غاية المرام المنتشر في بلاد الإسلام.
وأمّا الكبرى ، وهي قوله : «إنّ رجال الشيعة لا يحتجّ أهل السُـنّة بهم» فأوضح فساداً من الصغرى ، تشهد بهذا أسانيد أهل السُـنّة وطرقهم المشحونة بالمشاهير من رجال الشيعة. وتلك صحاحهم الستّة وغيرها تحتجّ برجالٍ من الشيعة ، وصمهم الواصمون بالتشيّع والانحراف ، ونبذوهم بالرفض والخلاف ، ونسبوا إليهم الغلوّ والإفراط والتنكّب عن الصراط. وفي شيوخ البخاري رجال من الشيعة نُبزوا بالرفض ووُصموا بالبغض ، فلم يقدح ذلك في عدالتهم عند البخاري وغيره ، حتّى احتجّوا بهم في الصحاح بكلّ ارتياح ، فهل يصغى بعد هذا إلى قول المعـترض : «إنّ رجال الشـيعة لا يحتجّ أهل السُـنّة بهم»؟! كلاّ!
ولكنّ المعترضين لا يعلمون ، ولو عرفوا الحقيقة لعلموا أنّ الشيعة إنّما جروا على منهاج العترة الطاهرة ، واتّسموا بسماتها ، وأنّهم لا يطبعون إلاّ على غرارها ، ولا يضربون إلاّ على قالبها ، فلا نظير لمن اعتمدوا عليه من رجالهم في الصدق والأمانة ، ولا قرين لمن احتجّوا به من أبطالهم في الورع والاحتياط ، ولا شبيه لمن ركنوا إليه من أبدالهم في الزهد والعبادة وكرم الأخلاق ، وتهذيب النفس ومجاهدتها ومحاسبتها بكلّ دقة آناء الليل وأطراف النهار ، لا يبارون في الحفظ والضبط والإتقان ، ولا يجارون في تمحيص الحقائق والبحث عنها بكلّ دقّة واعتدال.
فلو تجلَّت للمعترض حقيقتهم ـ كما هي في الواقع ونفس الأمر ـ لناط بهم ثقته ، وألقى إليهم مقاليده ، لكنّ جهله بهم جعله في أمرهم كخابط عشواء ، أو راكب عمياء في ليلةٍ ظلماء ، يتّهم ثقة الإسلام محمّـد بن يعقوب الكليني ، وصدوق المسلمين محمّـد بن علي بن بابويه القمّي ،