جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكوّنت بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف ؛ فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا كلّه يرجع إلى تلك الفترة الحسّاسة.
وقد أرّخ سُليم بن قيس لتلك الفترة بكلّ جرأة وصراحة ، فكان عمله عملاً فريداً من نوعه ، وبهذا احتلّ مكانة الدرجة الأُولى بعد أحاديث الأئمّة المعصومين عليهم السلام الّذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة.
إنّ الأجيال المسلمة مَدينة لهذا المؤلّف الشجاع الذي سدّ فراغاً لم يسدّه غيره ، ودوّن حقائق ما جرى عند وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسلّمها إلى الأجيال.
الميزة الرابعة : الدقّة والإتقان في أخذ أحاديثه وتسجيلها (١) :
فإنّ كتاب سُليم بعد التدقيق والتمحيص والمقايسة مع المصادر الأُخرى ، يعدّ من مصادر الدرجة الأُولى في الدقّة والإتقان ، وهذه ميزةٌ تزيد من قيمة كتابه ، خاصة إذا لاحظنا أنّ إتقان الجوانب الثقافيّة أمرٌ مشكلٌ في ظروف الخوف الذي يُضطرّ الناس فيه إلى كتمان علمهم وعملهم وإخفاء مكتوباتهم.
الميزة الخامسة : تدوينه جرائم حكّام عصره :
فقد دوّن ما يتعلّق بالّذين كان يعيش معهم! واستطاع أن يخفي
___________
(١) يراجع : كتاب سُليم ـ المطبوع في ثلاثة مجلّدات ـ ١ / ٢٨٥ ـ ٢٩١.