إنّ المحاور الأساسية عندهم لجرح الراوي أو توثيقه ، على اختلاف الأقوال ، هي :
أوّلاً : القول بالأُصول الاعتقادية ، بأنْ يكون الراوي مسلماً صحيح العقيدة غير منحرف عمّا يرونه حقّاً ثابتاً يجب الاعتقاد به.
وثانياً : العدالة ، بأنْ لا يكون الراوي من أصحاب كبيرةٍ من الكبائر الموبقـة ، المسـقطة للعـدالة ، وأنْ يكـون صادقاً في نـقله ، فلا يكـذب ، ولا يزيد أو ينقص من الخبر عن عمدٍ ...
وثالثاً : الضبط ، بأنْ يكون ضابطاً لِما أخذ ، وينقله كما أخذه ، فلو كثر خطؤه وسهوه زال الوثوق به ، وإنْ كان من أهل الصدق والديانة.
لكنّ المشكلة هي اختلافهم الشديد في المسائل الاعتقادية ، وتكفير بعضهم البعض الآخر المخالف له فيها ، فحينئذٍ لا يُدرى ما هي العقيدة الصحيحة عندهم؟! وما هو الحقّ الذي يجب الاعتقاد به ، حتّى يُقبل الراوي أو يُردّ بالنظر إليها؟!
ثمّ إنّ كثيراً منهم يستحلّون شرب المسكر ـ مثلاً ـ أو يجوّزون الكذب على خصومهم ، أو يتركون الصلوات ، أو يرتكبون القبائح ... وكلّ ذلك موجود بتراجمهم ... فهل هذه الأُمور كبائر مسقطة للعدالة أو لا؟!
وهناك أُمور أُخرى كان بعض أكابرهم يراها من الكبائر ، فلا يروي عن المرتكب لها ، كالدخول في عمل السلطان ، أو الخروج بالسيف عليه ، فهل هذه من الكبائر الموبقة المسقطة للعدالة أو لا؟! وما هو السبب في هذا التناقض؟!
وهم في حين يشترطون الضبط في الراوي ، قد يضطرّون إلى رفع اليد عن هذا الشرط ، عندما يريدون توثيق من كان فاقداً له ؛ لخصوصيةٍ فيه