فالذي يظهر من كلماتهم في بعض المواضع أنّ مرادهم من «التشيّع» هو ما ذكرناه من تقديم عليٍّ عليه السلام وتفضيله على غيره من الصحابة ، ففي ترجمة الشافعي أنّ أحمد بن حنبل سئل عن الشافعي فقال : ما رأينا منه إلاّ كلّ خيـر ، فقيـل له : يا أبا عبـدالله! كان يحيى وأبو عبـيد لا يرضيانه ـ يشـير إلى التشـيع ، وأنّـهما نسـباه إلـى ذلك ـ ، فقال أحمـد بن حنـبل : مـا ندري ما يقولان! والله ما رأينا منه إلاّ خيراً.
قال الذهبي ـ بعد نقله ـ : «قلت : من زعم أنّ الشافعي يتشيّع فهو مفترٍ لا يدري ما يقول» وقال الذهبي بعد روايته شعر الشافعي :
يا راكبا قف بالمحصب من منى |
|
وآهتف بقاعد خيفنا والناهض |
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى |
|
فيضا كمـلتطم الفرات الفائض |
إنْ كان رفضاً حبُّ آلِ محمّـد |
|
فليشهد الثقلان أنّي رافضي |
قال : «قلت : لو كان شيعياً ـ وحاشاه من ذلك ـ لَما قال : الخلفاء الراشدون خمسة ، بدأ بالصدّيق ، وختم بعمر بن عبـد العزيز» (١).
فالتشيّع هو القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وليس مجرّد محبّته ، أو القول بأفضليّته مع القول بإمامة الشيخين ، ولو كان بأحد هذين المعنيين أو نحوهما لَما نَـزَّه عنه الشافعي ، كما هو واضح.
وعن ابن المبارك في «عوف بن أبي جميلة» ـ من رجال الصحاح السـتّة ـ : «ما رضي عوف ببدعةٍ حتّى كان فيه بدعتان : قدري وشيعي» ..
____________
(١) سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٨ ـ ٥٩ ، وللشافعي أشعار أُخرى من هذا القبيل مرويّة عنه في المصادر المعتبرة ، وإنْ كان بعض المعاندين لأهل البيت عليهم السلام يحاولون كتمها أو إنكارها أو التقليل من عددها أو التشكيك في نسبتها ...!!